تشهد أروقة جيش الاحتلال الإسرائيلي خلافاً حاداً بين كبار قادته بشأن التعامل مع ملف الرهائن ومستقبل الحرب في غزة حيث ينقسم قادة الجيش بين تيارين متباينين: الأول بقيادة رئيس الأركان إيال زامير، والثاني يضم جنرالات وقيادات ميدانية بارزة.
موقف رئيس الأركان
يدعو زامير إلى إبرام صفقة جزئية مع حركة حماس في الوقت الراهن بما يسمح بتحرير جزء من الرهائن وتأجيل خيار احتلال مدينة غزة إلى حين اتضاح نتائج المفاوضات الأوسع حول وقف الحرب والإفراج عن باقي الأسرى.
ويطرح زامير خطة عسكرية موازية تقوم على فرض حصار خانق على غزة وإجلاء ربع مليون مدني، ثم التقدم البري فقط نحو المناطق التي لا يتواجد فيها رهائن استنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة.
كما يسعى لتقليص ما وصفه بـ"استنزاف القوات" عبر استخدام أقل عدد من الألوية وإدخال مساعدات إنسانية لتخفيف الضغوط الدولية، رغم أن خطته تتطلب فترة قد تصل إلى عام لتحقيق نتائج ملموسة.
معارضة قوية
في المقابل، ترى مجموعة من اللواءات والجنرالات أن الخيار الأمثل يتمثل في تنفيذ اجتياح شامل لمدينة غزة مع السعي مباشرة إلى صفقة كاملة تشمل إطلاق جميع الرهائن وإنهاء الحرب وفق شروط تتوافق مع رؤية الحكومة الإسرائيلية، إضافة إلى إنهاء حكم حماس في القطاع وتأمين المستوطنات المحيطة على المدى الطويل.
ويحذر هؤلاء من أن أي صفقة جزئية سوف تمنح حماس فرصة لإعادة تنظيم صفوفها وإطالة أمد الحرب لسنوات ويشيرون إلى أن إسرائيل باتت تسيطر فعلياً على نصف مدينة غزة بما في ذلك أحياء الزيتون والتفاح والصبرة، مما يجعل استكمال السيطرة على المدينة وتدمير شبكة الأنفاق ضرورة أمنية لا تحتمل التأجيل.
ضغوط سياسية وتوازنات عسكرية
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، قررت الحكومة المصغرة برئاسة بنيامين نتنياهو تبني موقف وسطي يقوم على السعي لاتفاق شامل بالتوازي مع استمرار العمليات العسكرية، مع الإبقاء على خيار احتلال غزة مطروحًا إذا رفضت حماس شروط الصفقة.
ورغم أن الأعراف العسكرية تجعل قرار رئيس الأركان هو الملزم للجيش بأكمله إلا أن الجنرالات المعارضين لا يتراجعون بسهولة، بل يواصلون الضغط من أجل فرض رؤيتهم القائمة على الإسراع في اجتياح المدينة وتصفية حكم حماس.
مستقبل غامض للملف
يؤكد مراقبون أن الانقسام داخل قيادة جيش الاحتلال يعكس أزمة استراتيجية عميقة بين خيار يراهن على المفاوضات والضغط التدريجي، وخيار آخر يدفع نحو الحسم العسكري السريع. وبين هذين النهجين، ويبقى مصير الرهائن والحرب في غزة رهناً بموازين القوى داخل المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل.