بقلم: ميسون كحيل
حاولت أن أفهم مشاعري المخزنة داخل قلبي وفي عمق روحي، لعلي أستطيع تفسيرها أو شرحها. حاولت البحث في قواميس كل اللغات، عسى أن أجد الكلمات التي يمكن التعبير من خلالها عن جزء من آلامي. حقيقةً لم أجد ما يعبر عن ذلك، فلا شيء بمستوى الكارثة والمأساة وعمليات القتل والإبادة التي يعيشها شعب غزة، الذي أصبح سلعة للقتل والمتاجرة!
سيكتب التاريخ ذات يوم أن أهل غزة كانوا عنوان مرحلة افتقدت الإنسانية والأخلاق والإيمان، مرحلة كانوا فيها بضاعة للتسويق والأرباح، مرحلة أثبتت أن ما تعرض له أطفال غزة ونساء غزة والإنسان في غزة بشكل عام يبرهن أن لا حقوق للطفل، ولا حقوق للمرأة، ولا حقوق للإنسان.
سيكتب التاريخ أن قانون شريعة الغاب هو القانون السائد والباقي في هذا العالم، وأن الأمم والمؤسسات مجرد أدوات لا فائدة منها سوى تمرير سياسة القوي ومصلحة المتنفذ، وأن القانون الدولي لا يطبق إلا على الضعفاء.
سيكتب التاريخ ـ ولو متأخرًا ـ عن جريمة حدثت لأهل غزة، لم يرحمهم فيها أحد، ولم ينظر إليهم أحد، ولم يسأل عنهم أحد، وأنهم كانوا مجرد لعبة قذرة لأطراف قذرة اتفقوا على قتلهم دون أن يرف لهم جفن!
سيكتب التاريخ أن قنوات فضائية ومحللين وسياسيين ودولًا تظاهروا بدعم أهل غزة، لكنهم في الحقيقة كانوا يمنحون الوقت للاحتلال من أجل استكمال عمليات الذبح.
سيكتب التاريخ أن المفاوضين من الطرفين أدوا دورهم في إعلان اختلافهم، بينما اتفقوا سرًا على قتل أهل غزة.
إنه نموذج جديد في الحروب، استُخدم فيه الغذاء والدواء وإيقاف شريان الحياة إلى جانب القصف والنار، واستهداف مستقبل غزة أرضًا وشعبًا وأملًا.
سيمر الزمن، وقدر مفزع من الألم وحكايات، لو لم نشهدها ربما لم نكن لنصدقها، لكنه ليس هو القدر، بل إنها المؤامرة الكبرى التي اتفق على تنفيذها الصهيونية وأعوانها، ومن تربوا على يدها وتأسسوا في رحابها، ثم ظهروا كأولياء وهم لا يخافون الله. إنها المؤامرة التي أوقعت أهل غزة بين القاتل والتاجر.
كاتم الصوت: كما يلعن الفلسطينيون الآن من أوقعهم في هذا الجحيم، سيأتي اليوم الذي يلعن فيه شعب إسرائيل نتنياهو!!
كلام في سرك: الوسيط وأوجهه المتعددة، وتركيزه على محاولاته الحثيثة لضمان بقاء قطاع غزة خارج الشرعية الفلسطينية؟
رسالة: اتفقتم على تدمير غزة، وقتل الناس، ورفض السلطة، والبقاء على سدة الحكم للاستمرار في مزاولة الظلم. إنه مجرد وقت، وأنتم ـ كلا الطرفين ـ راحلون بلا عودة.