غزة تُوحد صوت الإعلام العالمي: أكبر حملة تضامن مع الصحفيين في التاريخ الحديث

استهداف الصحفيين
استهداف الصحفيين

في خطوة عالمية غير مسبوقة، ستوقف نحو 200 مؤسسة إعلامية من 50 دولة اليوم الاثنين نشر الصفحات الأولى ومحتويات المواقع الرئيسية وحتى بثها الإذاعي بشكل متزامن، للفت الأنظار إلى ما يتعرض له الصحفيون في غزة، والمطالبة بفتح المجال أمام الإعلام الدولي للوصول إلى القطاع المحاصر.

ويُقام هذا التحرك، الذي وُصف بالاستثنائي، بمبادرة من منظمة "مراسلون بلا حدود" وبشراكة مع حركة الحملات العالمية "آفاز" والاتحاد الدولي للصحفيين، حيث ستصدر الصحف الورقية صفحات سوداء تحمل رسالة موحدة.

ويأتي هذا التحرك بينما تعتبر منظمات دولية ما يجري في غزة أبشع مجزرة تطال الصحفيين في التاريخ الحديث، بعد أن تجاوز عدد الشهداء منهم 240 صحفياً منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

كما واصلت سلطات الاحتلال منع دخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى غزة منذ ما يقارب العامين، تاركةً الصحفيين الفلسطينيين في مواجهة مباشرة مع نيران الجيش.

وحذّر المدير العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" تيبو بروتين من أن استمرار مقتل الصحفيين في غزة بهذا المعدل على يد الجيش الإسرائيلي سيؤدي قريباً إلى حرمان العالم من معرفة الحقائق على الأرض.

وأضاف: "هذه ليست حرباً على غزة فقط، بل حرب على الصحافة نفسها. الصحفيون يُقتلون ويُستهدفون وتُشوَّه صورتهم. من دونهم، من سينقل المجاعة؟ ومن سيوثق جرائم الحرب؟ ومن سيكشف الإبادة الجماعية؟ بعد عقد على تبني مجلس الأمن قراره 2222 لحماية الصحفيين، نشهد أمام أعيننا انهيار الضمانات الدولية. التضامن الإعلامي اليوم ضرورة، لأن أخوّة الصحفيين هي ما سيحمي الحرية".

بدوره قال مدير الحملات في "آفاز" أندرو ليجون: "لقد تحولت غزة إلى مقبرة للصحفيين بشكل متعمد. الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة تسعى لإنهاء مهمتها بعيداً عن أعين الإعلام. فإذا صمت آخر الشهود، لن يتوقف القتل بل سيمر دون مساءلة. لهذا نرفع الصوت مع غرف الأخبار حول العالم لنقول: لن نسمح بذلك".

أما الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجر فأكد أن "كل صحفي سقط في غزة كان زميلاً أو صديقاً أو قريباً، وقد ضحوا بحياتهم لنقل الحقيقة للعالم. إن حق الجمهور في المعرفة تعرض لضربة قاسية. نطالب بتحقيق العدالة وإقرار اتفاقية دولية خاصة بسلامة الصحفيين واستقلاليتهم".

مواقف فلسطينية

رحب المشرف العام على الإعلام الرسمي الوزير أحمد عساف بهذه الخطوة، واصفاً إياها بالمهمة لكشف جرائم الاحتلال وتعريته أمام العالم. وأكد أن الرواية الإعلامية الفلسطينية انتصرت رغم عقود من محاولات التزييف، مشيراً إلى أن استهداف الصحفيين الفلسطينيين بالقتل والاعتقال والقصف جزء من سياسة منظمة لطمس الحقيقة.

وشدد عساف على أن الإعلام الرسمي الفلسطيني دفع ثمناً باهظاً، حيث استشهد أكثر من 240 صحفياً، في محاولة لإسكات الصوت الفلسطيني وقتل الصورة. لكنه أكد أن هذه التضحيات لم تُضعف عزيمة الإعلاميين بل زادتهم إصراراً على مواصلة رسالتهم الوطنية والإنسانية.

وأشار إلى أن وحدة الموقف الإعلامي الفلسطيني والعربي، وتضامن الشعوب الحرة حول العالم، كان له أثر كبير في إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في الإعلام الدولي، على الرغم من محاولات الاحتلال المستمرة لطمس الحقائق وتشويه صورة الشعب الفلسطيني.

من جانبه، اعتبر نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر أن ما يحدث اليوم يمثل "أوسع حملة تضامن دولية مع الصحفيين الفلسطينيين على الإطلاق"، مشيراً إلى أنها جاءت نتيجة عمل مشترك مع مؤسسات إعلامية وصحفيين ونقابات حول العالم.

وأوضح أن هذه الخطوة ستكون مقدمة لتحرك أوسع في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تزامناً مع مرور عامين على الحرب على غزة، داعياً المؤسسات الفلسطينية والعربية والدولية إلى المشاركة فيه.

وأضاف أبو بكر: "اليوم تاريخي بالنسبة لنا، فهذه أول مرة يشهد العالم حملة تضامن بهذا الحجم مع الصحفيين. ورغم تعدد الصراعات حول العالم، إلا أن التضامن الدولي مع صحفيي غزة غير مسبوق، كرد على أبشع مجزرة شهدها تاريخ الإعلام".

يوم دامٍ للصحافة

يُذكر أن يوم 25 أغسطس/ آب الماضي كان من أشد الأيام دموية بالنسبة للصحفيين في غزة، إذ قصفت طائرات الاحتلال مجمع النصر الطبي، ما أدى إلى استشهاد خمسة صحفيين: حسام المصري (تلفزيون فلسطين)، محمد سلامة (قناة الجزيرة)، مريم أبو دقة، معاذ أبو طه، وأحمد أبو عزيز، إضافة إلى إصابة آخرين، واستشهاد عدد من طواقم الإسعاف والدفاع المدني أثناء عمليات الإخلاء.

كما كان قد استشهد المصور خالد المدهون قبلها بيومين.

وفا