كابوس جديد يهدد حياة مرضى السكري بغزة

صورة توضيحية
صورة توضيحية

غزة/البوابة 24 – إنعام فروانة

معاناة جديدة يواجهها مرضى السكري من النوع الأول في قطاع غزة جراء العدوان المتواصل منذ عامين، حيث يحتاجون إلى الأنسولين بصورة دائمة.

أبو محمد، رجل في الخامسة والستين من عمره يقيم في خيمة منذ نزوحه، يواجه صعوبات كبيرة في الحصول على زجاجات الأنسولين. يوضح أنه يضطر إلى التنقل بين أكثر من نقطة طبية والانتظار لساعات طويلة في طوابير على أمل الحصول على عبوة واحدة، إلا أن الأنسولين غير متوفر بسبب الحاجة إلى ثلاجات لحفظه.

ويشير إلى أنه حتى في حال تمكن من الحصول على زجاجة، فإن ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيمة يؤدي إلى تلفها بسرعة قبل انتهاء صلاحيتها. وللحفاظ عليها، اضطر أحيانًا إلى دفع المال مقابل وضع عبوة الأنسولين في ثلاجة خارج خيمته، لكنه يؤكد أن هذه المحاولة لا تضمن بقاء الدواء صالحًا بالكامل. كما لجأ إلى وسائل بديلة مثل وضع الزجاجة في فخارة مملوءة بالماء، لكن دون جدوى. ويؤكد أن استخدامه لإحدى الجرعات التالفة في وقت سابق تسبب له بارتفاع حاد في نسبة السكر، وفي كثير من الأحيان اضطر لشراء الأنسولين من السوق السوداء بأسعار مرتفعة.

تلف الأنسولين

أم عاهد، البالغة من العمر سبعين عامًا، تتحدث عن معاناتها في الحصول على الأنسولين الذي تستخدمه منذ ما يقارب خمس سنوات. وتوضح أنها خلال هذه الحرب تواجه صعوبة كبيرة في تأمينه، مشيرةً إلى أنها قضت في أحد الأشهر الماضية أكثر من أسبوعين وهي تحاول الحصول على عبوة واحدة.

وتؤكد أنه حتى في حال نجاحها في الحصول على الأنسولين بعد عناء طويل، فإنها تضطر أحيانًا إلى التخلص منه بسبب تلفه وتغير لونه وقوامه نتيجة الحرارة المرتفعة، خشية أن يؤثر على صحتها إذا استخدمته. وتشير إلى أنها حاولت مرارًا حفظ العبوات بطرق بدائية مثل وضعها في كأس من الماء، لكن دون فائدة.

خطر كبير

الدكتور محمد معروف، أخصائي مرض السكري في جمعية الإغاثة الطبية، يوضح أن استخدام الأنسولين التالف أو الفاسد يشكل خطراً كبيراً على مرضى السكري، إذ يؤدي إلى فقدان فعالية الدواء وعدم قدرة الجسم على ضبط مستويات السكر في الدم، مما قد يتسبب بارتفاع حاد للسكر وظهور مضاعفات خطيرة مثل الحماض الكيتوني السكري.
ويؤكد معروف أن الاعتماد على الأنسولين غير الصالح يزيد من تقلب مستويات السكر، ما يعرض المريض لمخاطر المضاعفات المزمنة على القلب، الكلى، الأعصاب والعينين. إضافة إلى ذلك، قد يؤدي الأنسولين الفاسد إلى عدوى أو تفاعلات تحسسية نتيجة تغير تركيبة الدواء أو تلوثه، لذا يجب التأكد من صلاحية الأنسولين والحفاظ عليه ضمن درجات الحرارة المناسبة، وعدم استخدام أي عبوة يظهر عليها تلف أو تغير في اللون أو القوام.

مضاعفات حادة

ويضيف أن عدم توفر الأنسولين للمرضى يشكل خطورة كبيرة على صحتهم، حيث قد يؤدي إلى مضاعفات حادة وسريعة التطور، ومن أبرزها ارتفاع شديد في مستوى السكر في الدم والذي قد يتطور إلى الحماض الكيتوني السكري، وهي حالة طارئة تهدد الحياة وتحتاج إلى تدخل طبي عاجل. كما أن نقص الأنسولين يؤدي إلى جفاف شديد، فقدان السوائل، اضطراب في توازن الأملاح والمعادن، وضعف وإعياء حاد للمريض. وفي حالات متقدمة، قد يصل الأمر إلى غيبوبة سكري.

ويشدد معروف على أن الحفاظ على صحة مرضى السكري يتطلب اتباع إجراءات وقائية يومية، خصوصاً في ظل صعوبات توفر الأنسولين، مشيرًا إلى أهمية مراقبة مستوى السكر في الدم بشكل مستمر، والالتزام بالجرعات عند توفر الدواء، مع اتباع نظام غذائي متوازن وشرب كمية كافية من السوائل لتجنب الجفاف. كما ينبه إلى ضرورة التعرف على علامات الطوارئ مثل العطش الشديد، التعب، التبول المتكرر والغثيان، والتوجه فوراً للطبيب عند ظهورها.

صيدليات الخيام

من جهته يشير الصيدلاني محمد حبوش إلى أن الحرب المستمرة أدت إلى تحويل غالبية الصيدليات في المدينة إلى خيام مؤقتة تفتقر لوسائل الحفظ المناسبة، ما تسبب في تلف المخزون بشكل شبه يومي وارتفاع أسعار الأنسولين، وزيادة العبء المالي على المرضى.

ويضيف: "فقدان الأنسولين أصبح مشكلة مستمرة، ونضطر أحيانًا للتخلص من زجاجات تالفة، ما يدفع بعض المرضى للشراء من السوق السوداء بأسعار مرتفعة جدًا، كما أن انخفاض المخزون يزيد الضغط على السوق ويجعل التنبؤ بتوافر الدواء أمرًا صعبًا، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية على المجتمع بأسره". ويوضح أنه في صيدليته اضطر إلى التوقف عن شراء الأنسولين لصعوبة تخزينه داخل خيمة الصيدلية، وهو ما ينطبق على معظم الصيدليات.

حلول سريعة

وحول دور المستشفيات والمؤسسات الطبية، يقول الدكتور محمد معروف إن المستشفيات، بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية، تحاول تأمين مولدات كهرباء، ألواح طاقة شمسية، وثلاجات تعمل بالطاقة البديلة، لضمان تخزين الأنسولين بشكل آمن وحمايته من التلف. ومن خلال هذه الخطوات، يمكن للمستشفيات والمؤسسات الصحية تقليل نسبة تلف الأنسولين بشكل كبير، حماية حياة المرضى، والحد من المخاطر الصحية الناجمة عن فقدان الدواء، حتى في ظل انقطاع الكهرباء وعيش غالبية المرضى في خيام.

ويأمل المرضى والمجتمع أن يتم الاستجابة السريعة لهذه الجهود لتخفيف حدة هذه الأزمة الإنسانية والصحية بشكل عاجل وفعّال.

البوابة 24