جولة حسين الشيخ العربية: تعزيز الموقف الفلسطيني وسط تحديات دولية

 بقلم المحامي علي أبو حبلة

جاءت جولة نائب رئيس دولة فلسطين وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، إلى السعودية ومصر والإمارات، في وقت حرج يواجه فيه الفلسطينيون ضغوطاً كبيرة على المستويين السياسي والمالي، أبرزها القرار الأميركي بمنع الوفد الفلسطيني برئاسة الرئيس محمود عباس من حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما أعطى الجولة أهمية مضاعفة في تأكيد شرعية التمثيل الفلسطيني وحشد الدعم العربي والدولي لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية خلال المؤتمر الدولي المزمع عقده في نيويورك بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2025. في الرياض التقى الشيخ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحضور وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان ومستشار الأمن القومي مساعد العيبان، حيث ناقش الطرفان آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، بما في ذلك الوضع في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وسبل مواجهة المخططات الإسرائيلية للضم والاستيطان واحتجاز أموال المقاصة. وشدد ولي العهد على مواصلة العمل لحشد الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية ودعم الجهود لإنجاح المؤتمر الدولي للسلام، مؤكداً أهمية وقف إطلاق النار الفوري في غزة وتمكين السلطة الفلسطينية من تولي مسؤولياتها وربط القطاع بالضفة تحت سيادة الدولة الفلسطينية، مع انسحاب إسرائيلي كامل وإعادة الإعمار بدعم عربي ودولي. وفي هذا السياق أعلنت السعودية عن حزمة دعم مالي مبدئية، قدرتها بعض المصادر بـ300 مليون دولار، مع التأكيد على أن أي دعم إضافي مرتبط بالإصلاحات الداخلية وتفعيل آليات الشفافية في مؤسسات السلطة الفلسطينية. وفي القاهرة التقى الشيخ وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير المخابرات حسن رشاد، وتم خلال اللقاء التأكيد على وحدة الموقف الفلسطيني وضرورة قيام السلطة الفلسطينية بدورها في قطاع غزة وربطه بالضفة، وإعادة الإعمار دون وصاية خارجية. كما ناقش الطرفان قضية منع الوفد الفلسطيني من حضور اجتماعات الأمم المتحدة وسبل حشد الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، مع الحفاظ على موعد ومكان المؤتمر في نيويورك. وقد أشادت القيادة الفلسطينية بدور مصر في الوساطة الإنسانية والسياسية، ودعم تقديم المساعدات للجرحى وإعادة الإعمار، مؤكدين استمرار التنسيق الوثيق لمواجهة التحديات الراهنة. أما الإمارات، فرغم اتفاقيات التطبيع، فقد أكدت على رفض مخططات الضم والاستيطان، ودعت إلى تمكين السلطة الفلسطينية وتعزيز وحدة الصف الوطني، مع الالتزام بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يرسخ موقفها الدبلوماسي في دعم الدولة الفلسطينية ضمن إطار الشرعية الدولية. يمكن القول إن الجولة أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة العربية، وأمنت موقفاً سياسياً داعماً في مواجهة الضغوط الأميركية والإسرائيلية، كما أعادت تأكيد أهمية السلطة الفلسطينية في غزة وربطها بالضفة، وضبطت الإيقاع العربي لمواجهة مشاريع الضم، رغم أن الدعم المالي لم يتحقق بشكل كامل بعد ويظل مشروطاً بالإصلاح الداخلي. كما شكّلت الجولة رسالة قوية ضد قرار منع الوفد الفلسطيني من حضور اجتماعات الأمم المتحدة، وأكدت أن أي تحرك دولي لإعلان الدولة الفلسطينية يحتاج إلى الغطاء العربي والدعم الدبلوماسي الدولي. في النهاية، يمكن البناء على نتائج الجولة من خلال توحيد الصف الفلسطيني وفتح حوار وطني يجمع الكل الفلسطيني، تفعيل الإصلاحات الداخلية، واستثمار الدعم العربي في تعزيز الموقف الدولي. الجولة فتحت الطريق أمام خطوات عملية نحو إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية وفق حدود 1967، وجعلت الموقف الفلسطيني أكثر صلابة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، وهو ما يعكس أهمية تأمين الغطاء والدعم العربي ودول منظمة التعاون الإسلامي ودول عدم الانحياز ومجموعة بريكس والاتحاد الأوروبي وهذه التحركات تأتي في سياق رسم خارطة الطريق المستقبلية للقضية الفلسطينية.

البوابة 24