بقلم: صلاح هنية
تصدرت النقاش مصطلحات العصر من عيار الاستدامة والتنمية المستدامة والمناعة الحضرية وإدارة المخاطر، في سياق الحديث عن ضمان الاستدامة المالية للمؤسسات، وانسجامها مع أهداف التنمية المستدامة، وكان جوهر الأمر أن كل مشروع تتم مواءمته مع تلك الأهداف، ولكننا اكتشفنا بعد سنوات وما زلنا لم نتوقف (عن أي استدامة نتحدث؟)، وبإمكان جرافة الاحتلال تدمير أي مشروع ممول وله ضمانات كتابية عن الاستدامة، سواء كان المشروع بيئياً أو صحياً أو ثقافياً أو رياضياً.
النقاش كان منطلقاً من قناعتنا أننا نظرياً نعرف ونعيش هذه المفردات، ولم تبدأ معنا بمجرد وضع أهداف التنمية المستدامة، وكذلك موضوع الاستدامة، ولكن دمر ما دمر من مؤسسات ثقافية وشبابية في غزة بينما كانت البدايات تكرر ذات المصطلحات، وكذلك الحال في جنين وطولكرم والمغيّر وكفر مالك ومسافر يطا وسنجل وكل مكان، لذا نحن لا نعيد إنتاج العجلة، بل نفكر بمناعة واستدامة تلائم الوضع الراهن دون أن نكون أسرى لمصطلحات وكأنها اكتشاف جديد.
الجو العام، والمانحون، وقضايا 2030 تكون سائدة ومرتكزاً أساسياً، وكل يجهد ليربط بين أهدافه وأهداف التنمية، وتلك مهارة باتت مفيدة في البلد، ولكننا اليوم نقف أمام واقع مختلف يجعل التفكير مباحاً دون تصنيف وتنميط أن فلاناً ضد لمجرد الضد وغير متلائم مع العصر، لكن بمجرد أن أشار الزميل بيديه الاثنتين قائلاً: (هوب يحضروا ويشيلوها من أساسها)، ويواصل بحسرة: مولت مشاريع بملايين، واليوم نراها ركاماً لأن الاستدامة والاحتلال لا يلتقيان.
مدننا وقرانا ليست غريبة عن مصطلحات العصر، وهذا منطلق مهم، سواء التكافل الاجتماعي في الأزمات والمخاطر، العمل التطوعي، مساندة الأضعف وبحاجة لإسناد في الأزمات، باختصار مدننا وقرانا يجب ألا تنهار عند مواجهة الأزمة، بل عليها امتصاص الصدمة، والاستمرار في العمل، والتعافي، والتعلم من التجربة والتطور.
كيف نستطيع أن نتكيف مع الأزمات والكوارث في ضوء أوضاع غير طبيعية، حتماً سيكون المرتكز الأساسي الجبهة الداخلية، وهناك من يسعى لتقويتها ضمن المعطيات التي أوردتها أعلاه، أو يريد أن يخرقها فتبدأ حرب الإشاعات، ويخرج علينا من يحمل يافطة كبرى «فهمانكو» ليمسك لنا قلماً أحمر ليثبت أننا لا نستحق أن نكون في هذه الأرض، وفجأة تجد أن الخطاب الإعلامي الرسمي يذهب باتجاه التوضيح، والنفي، والدعوة إلى تمتين الجبهة الداخلية دون تقديم كثير من الحقائق عن الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي والاجتماعي، ولكن هذا الخطاب بمكوناته لا يأبه بالتغذية الراجعة وما هو رأي الجمهور المستهدف وكيف تفاعل.
فجأة تصبح وظيفة المواطن/ة أن يتبنى الخطاب الرسمي وينسخه وينشره على صفحته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو أن يعلّق بما يناسب السياق العام!!، ومحزن أن يكون أسلوب من يمتلك رأياً أو اقتراحاً تطويرياً غير متناسق مع الخطاب الرسمي يستخدم ذات الطريقة بفرض رأيه وتصوره وكل ما يعارضه لا يمثل أحداً!!
في النهاية، الأسلم أن تقترب من الناس وتكون سنداً لهم، وأن تستنهض كل الكفاءات لتكون شريكة بالقرب من الناس.