نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في افتتاحيتها اليوم، تحت عنوان لاذع: "نتنياهو يقوض السلام مع مصر"، هجومًا شديدًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متهمة إياه بانتهاج خطاب عدائي تجاه القاهرة، يهدد بتفتيت أحد أبرز إنجازات السياسة الخارجية الإسرائيلية والمتمثل في اتفاقية السلام الموقعة عام 1979.
اتهام مباشر لنتنياهو
أشارت "الصحيفة"، إلى أن نتنياهو "لا حدود لسخريته من مصر"، مشيرة إلى اعتماده خطابًا استفزازيًا يبرر سياسة التهجير الجماعي باسم "الإرادة الحرة" لسكان قطاع غزة، بينما يطلق تصريحات من شأنها تأجيج التوتر مع أول دولة عربية وقّعت اتفاق سلام مع إسرائيل.
كما أوضحت أن تصريحاته الأخيرة، خصوصًا في مقابلة مع قناة "أبو علي إكسبريس" عبر تليغرام، "سجلت أرقامًا قياسية في اللامبالاة"، بعدما زعم أن نصف سكان غزة يرغبون في مغادرتها، متهمًا دعاة حقوق الإنسان بالصمت عندما يخدم الأمر إسرائيل.
التهجير تحت غطاء "الحق الإنساني"
وقال نتنياهو خلال المقابلة: "لماذا نجبرهم على البقاء؟ أين أنتم يا منادوا حقوق الإنسان؟ عندما يتعلق الأمر بحق أساسي كالهجرة، تختفون!"
ورأت "الصحيفة"، أن هذا الخطاب يحول جريمة حرب واضحة، وهي الترحيل القسري، إلى ما يسمى "الحق الإنساني في المغادرة"، معتبرة ذلك تزويرًا فجًا لمفاهيم القانون الدولي وحقوق الإنسان.
كما أردفت "الصحيفة"، قائلة: "نتنياهو يروج لتهجير مليوني إنسان، ثم يلقي خطبًا عن حقوق الإنسان على من يرفضون أن يكونوا شركاء في هذه الجريمة."
الموقف المصري الحاسم
وفي السياق ذاته، أكدت "الصحيفة"، أن مصر رفضت تمامًا أن تكون شريكًا في ما وصفته بـ"جريمة الترانزيت" التي ترتكبها إسرائيل، موضحة أن استقبال مليوني لاجئ من غزة يُمثل تهديدًا استراتيجيًا لأمنها القومي واستقرارها الداخلي.
ولفتت إلى أن القاهرة اعتبرت منع التهجير "خطًا أحمر" غير قابل للتجاوز، بينما رد نتنياهو باتهامها بأنها "تفضل سجن السكان الراغبين في المغادرة"، وهو ما اعتبرته الصحيفة تصعيدًا خطيرًا في العلاقات الثنائية.
تهديد صفقة الغاز
وأضافت "الصحيفة"، أن نتنياهو لم يتوقف عند حدود الاستفزاز السياسي، بل ألمح إلى إمكانية تأجيل صفقة الغاز الضخمة مع مصر، والتي تعد من أبرز المشاريع الاقتصادية المشتركة، كونها ستدر عشرات المليارات من الدولارات وتعزز الاعتماد المتبادل بين الجانبين.
واعتبرت "الصحيفة"، أن هذا التهديد "انتحار اقتصادي"، وتدمير ممنهج لعلاقات استراتيجية قائمة منذ أكثر من أربعة عقود، متسائلة: "ما الذي يدفع نتنياهو للقلق بشأن المستقبل؟ من يروّج للترانسفير فقد حقه في أن يُعظّ شركاءه بمسؤولياتهم."
ترامب ووهم "الترانسفير"
كما انتقدت "الصحيفة"، انخراط الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما وصفته بـ"وهم الترانسفير"، من خلال حديثه عن إقامة "ريفيرا أميركية" في غزة واستخدام الجيش الإسرائيلي كـ"شركة أمنية"، مؤكدة أن مثل هذه الأفكار لا تجعل المشروع قانونيًا أو أخلاقيًا.
وشددت "الصحيفة"، على أن ترويج هذه الأوهام لا يمكن أن يُبرر جريمة حرب، مهما كانت الأطراف التي تدعمها.
تحذير من انهيار السلام
ووجهت "الصحيفة"، تحذير من أن إسرائيل لا يمكنها تحمل تدمير السلام مع مصر، الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان، والتي شكل اتفاقها مع تل أبيب نقطة تحول استراتيجية فتحت الباب أمام توقيع اتفاقيات أبراهام مع الإمارات والبحرين والمغرب.
وطالبت الصحيفة نتنياهو بـ:
-
وقف التصعيد مع مصر فورًا.
-
إنهاء الجبهات الحالية بدل اختراع أخرى جديدة.
-
التوقف عن الترويج لسياسات التهجير.
-
احترام القانون الدولي.
-
تعزيز الحلول الدبلوماسية.
-
السعي نحو وقف إطلاق النار في غزة بدل تصفية القضية الفلسطينية.