واجه وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير موجة انتقادات واسعة من الأوساط السياسية والإعلامية في تل أبيب عقب تصريحاته المثيرة للجدل بعد عملية إطلاق النار على حافلة في القدس، فقد اتهم الوزير المحكمة العليا بالمسؤولية غير المباشرة عن الحادث، بسبب رفضها مقترحه القاضي بتجويع الأسرى الفلسطينيين في السجون، وفجرت هذه الاتهامات غضبًا عارمًا، واعتبرها العديد من الكتاب والسياسيين بمثابة "متاجرة رخيصة بدماء الضحايا".
انتقادات إعلامية لاذعة
شن الكاتب الإسرائيلي روغل ألبير في صحيفة هآرتس هجومًا قاسيًا على بن غفير، مؤكدًا أن الوزير اعتاد استغلال دماء الضحايا لتحقيق مكاسب سياسية، وأضاف في مقاله: "حين كان في صفوف المعارضة، كان يتغذى على صور الدماء في مواقع العمليات، أما اليوم وبعد أن أصبح وزيرًا مسؤولًا، لم يجد سوى الكذب ليقدمه للإسرائيليين."
وأشار إلى أن ربط بن غفير بين الحادث وسياسة "تجويع السجناء" ليس سوى محاولة لإخفاء فشله، خاصة مع تزايد عدد القتلى منذ توليه حقيبته الوزارية.
نتنياهو وبن غفير تحت النار
الانتقاد لم يقتصر على ألبير، بل امتد إلى الكاتب البارز بن كاسبيت في صحيفة معاريف، الذي وصف العلاقة بين نتنياهو وبن غفير بـ"عاشقين في جهنم"، يقفان جنبًا إلى جنب عند كل هجوم دموي لإطلاق شعارات جوفاء لا تسمن ولا تغني.
وأكد كاسبيت أن ما يمارسه بن غفير هو "خداع متكرر" اعتاد عليه الشارع الإسرائيلي، لكن الأخطر هو أن نتنياهو نفسه شارك في خطاب يلمح إلى تحميل المحكمة العليا مسؤولية أمنية، حين قال: "المحكمة أيضًا في هذه الحرب".
أزمة أخلاقية وسياسية عميقة
وصفت الكاتبة الصحفية ميكي ليفين في معاريف المشهد بأنه تجسيد للأزمة الأخلاقية والسياسية التي تمر بها إسرائيل تحت حكومة نتنياهو، وانتقدت بشدة قرار رئيس الوزراء بإلغاء جلسة استماع أمام المحكمة العليا بحجة زيارته لموقع العملية، معتبرة أن ذلك رسالة واضحة ضد القضاء، و"انصياعًا لتوجهات بن غفير".
وأضافت أن الوزير اتهم المحكمة العليا زورًا بالمسؤولية عن الهجوم الإرهابي، لمجرد أنها أصدرت حكمًا يقضي بتأمين الغذاء للسجناء الفلسطينيين، وهو ما اعتبرته ليفين "سلوكًا خطيرًا يضرب أسس العدالة".
تمجيد المستوطنين وتسليحهم
ورغم عاصفة الانتقادات، تجاهل بن غفير الهجوم ضده، واتصل بالمسلح المدني المتشدد الذي شارك شرطيًا في قتل منفذي العملية وأشاد بما وصفه بـ"بطولته"، معتبرًا ذلك ثمرة سياسة تسليح المستوطنين التي يقودها منذ أشهر لمواجهة ما يسميه "الإرهاب الفلسطيني".
وبالتزامن، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن بن غفير يرى في هذه السياسة وسيلة لحماية الإسرائيليين، فيما يعتبرها منتقدوه "خطوة خطيرة تؤجج العنف وتدفع نحو انفلات أمني غير مسبوق".
اقتحام أم الفحم
لم تتوقف الانتقادات عند حدود عملية القدس؛ إذ أثارت زيارة بن غفير لمدينة أم الفحم قبل يوم واحد من العملية استياءً واسعًا، فقد اقتحم المدينة بدعوى متابعة مخالفات البناء، لكن السكان واجهوه بغضب شديد، مرددين: "دمرت البلد وجئت لتقتلنا".
ووصف رئيس بلدية أم الفحم الدكتور سمير محاميد عبر حسابه في منصة "إكس" زيارة الوزير بأنها محاولة "لبث الفتنة والانقسام"، معتبرًا دوافعه سياسية بحتة، تهدف إلى جذب الأضواء الإعلامية على حساب أمن السكان وحياتهم.