في تطور لافت داخل أروقة السياسة الأوروبية، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للمرة الأولى عن مقترح يتضمن فرض إجراءات عقابية على إسرائيل على خلفية ما اعتبرته "كارثة إنسانية من صنع الإنسان" في قطاع غزة، وهذا الموقف الذي يأتي قبيل الذكرى الثانية للحرب يشكل سابقة في لهجة الخطاب الأوروبي تجاه تل أبيب.
إجراءات عقابية تاريخية
شددت فون دير لاين في خطابها الشهري عن حالة الاتحاد على أن حجم العمليات العسكرية الإسرائيلية تسبب في مجاعة واسعة بين الفلسطينيين، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي لم يعد قادراً على غض الطرف، ومن بين أبرز المقترحات:
- تعليق الجانب التجاري من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وهو ما قد يكلف المصدرين الإسرائيليين نحو 227 مليون يورو.
- وقف التحويلات المالية لبرامج التعاون الثنائي.
- فرض عقوبات شخصية على وزراء إسرائيليين متهمين بالتحريض على الكراهية إلى جانب مستوطنين متورطين في جرائم بالضفة الغربية.
انقسامات أوروبية تهدد مسار العقوبات
ورغم الطابع غير المسبوق لهذه الخطوة فإن الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي تعيق تمرير العقوبات، فدول مثل إسبانيا، أيرلندا، فرنسا، بلجيكا، سلوفينيا، مالطا، لوكسمبورغ وأندورا تدفع باتجاه إجراءات أكثر صرامة دعماً لحل الدولتين وحقوق الفلسطينيين.
في المقابل، تقف ألمانيا، النمسا، وجمهورية التشيك على الضفة الأخرى متمسكة بتحالفها الاستراتيجي مع إسرائيل ومبدية تحفظات شديدة على أي عقوبات مباشرة.
موقف البرلمان الأوروبي من الأزمة
صادق البرلمان الأوروبي على قرار يدعو إلى إنهاء الحرب والبحث عن مخرج للصراع 305 أصوات مؤيدة، مقابل 151 معارضة، و122 امتناع، لكن النقاشات الداخلية كشفت عن خلافات عميقة، حيث عارضت هيلديجارد بنتيلا، رئيسة لجنة العلاقات مع إسرائيل عارضت بشدة العقوبات التجارية، معتبرة أن "الوقت غير مناسب" واقترحت بدلاً من ذلك تقديم "تعليق مشروط" أو حوافز لتغيير سلوك تل أبيب.
وعلى النقيض، أكدت لين بويلان، رئيسة لجنة العلاقات مع الفلسطينيين، أن تأخر الاتحاد في اتخاذ خطوات حاسمة أضاع فرصة لإنقاذ آلاف الأرواح.
هل يشهد العالم تحولاً في نهج أوروبا تجاه إسرائيل؟
منذ اندلاع الحرب على غزة، تصاعدت الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي الداعية إلى إعادة تقييم العلاقة مع إسرائيل خصوصاً مع الانضمام المتزايد لدول مثل إسبانيا وإيرلندا وفرنسا لهذه الجبهة، وبينما تظل العقوبات رهن التوافق الداخلي، فإن مجرد طرحها بشكل رسمي يعد تحوّلاً جذرياً في الخطاب الأوروبي، وقد يرسم ملامح مرحلة جديدة من الضغوط السياسية والاقتصادية على إسرائيل.