بقلم عائد زقوت
"اتفاقية دفاع محتملة تعزز نفوذ الدوحة وتغير خريطة التحالفات بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير" بعد دخول قطر ميدان التحالفات العسكرية بدءًا من قاعدة العديد العسكرية الأميركية 1996، وصولا لقاعدة الريان العسكرية التركية التي أُنشئت وفق اتفاقية دفاعية وأمنية بين الدوحة وأنقرة 2014، وفي سياق التوترات الإقليمية المتفاقمة والمتزايدة، تشير تقارير متداولة على وسائل إعلامية إلى اقتراب توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين قطر وباكستان، وهي خطوة تتعلق بالجيواستراتيجيا، وقد تُعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، هذا التحالف المحتمل يأتي في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على الدوحة في سبتمبر الجاري 2025، الذي استهدف قادة حماس، مما أثار مخاوف أمنية عميقة في الخليج ودفع دولاً مثل قطر إلى تعزيز شراكاتها الدفاعية؛ إذا تمت هذه الاتفاقية، فإنها ستكون لها تداعيات متعددة المستويات على التوازنات الإقليمية، خاصة مع تقاطعها مع التحالفات التقليدية لباكستان وقطر، لا سيما بعد الاتفاقية الدفاعية الأخيرة بين السعودية وباكستان في 17 سبتمبر الجاري 2025؛ ففي حال تمت هذه الاتفاقية فمن المحتمل أن يكون لها آثارًا عامة مزدوجة على منطقة الشرق الأوسط، حيث ستعزز الاتفاقية المرتقبة محور قطر -تركيا وباكستان، مما يُقوي قدرات الدوحة العسكرية والاستراتيجية في مواجهة المحاور المنافسة، مثل تلك التي تقودها السعودية والإمارات ومصر ولا سيما بعد توقيع الاتفاق السعودي الباكستاني -على الرغم من الحساسية المصرية من أي محاولات لعسكرة البحر الأحمر خارج الإطار العربي-؛ ومن الوجه الآخر سيكون لها آثارًا على مصر الدولة المركزية في الشرق الأوسط والتي تواجه تحديات صعبة ومتعددة على جبهات مختلفة وعلى رأسها إسرائيل والتي ستتأثر الأخيرة بالضرورة من تلك الاتفاقية. فباكستان كدولة تمتلك جيشاً كبيراً ذا خبرة وقوة نووية، ستضيف عاملًا جديدًا في المعادلة الإقليمية، مرسلة رسالة قوية لمنافسي قطر؛ هذا التحالف قد يُعمق الاستقطاب الإقليمي، ويُحفز دولًا أخرى على تعزيز تحالفاتها أو السعي لموازنة هذا التحرك، سيما في سياق الصراعات المستمرة في ليبيا وسوريا؛ كما أن هذه الخطوة تأتي في أعقاب اتفاقية مشابهة بين السعودية وباكستان التي أثارت مخاوف إقليمية واسعة بشأن الانتشار النووي وتغيير التوازنات في الشرق الأوسط وبشكل مباشر على مصر؛ حيث سيشكل هذا الاتفاق -إن تم- مصدر قلق استراتيجي وستكون من أكثر الدول تأثراً بهذه الاتفاقية، معتبرة إياها تهديداً غير مباشر سيما في ظل اختلاف القاهرة مع الدوحة بشأن الموقف من الحركات الإسلاموية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها مصر كمنظمة إرهابية، فقد يؤدي وجود حليف عسكري قوي مثل باكستان إلى جانب الدوحة إلى زيادة مخاوف مصر بشأن نفوذ هذه الجماعات؛ ففي ليبيا على سبيل المثال، حيث تدعم قطر وتركيا حكومة الدبيبة التي تعاني تحديات وجودية في طرابلس، بينما تدعم مصر وحدة الأراضي الليبية والحفاظ على جيشها الوطني بقيادة خليفة حفتر، فقد تُعزز مثل هذه الاتفاقية الموقف العسكري للطرف المدعوم من قطر؛ وكذلك النفوذ القطري في غزة سواءً موقفها الداعم لحماس سياسيًا أو تطلعها للاستثمار في غاز غزة مما يزيد من فرص تهديد الأمن القومي المصري المباشر، وأيضًا تشير هذه الخطوة إلى بحث قطر عن أمنها خارج الإطار الخليجي التقليدي، الذي تُهيمن عليه السعودية وحليفتها مصر، مما قد يقلل من فعالية الضغط المصري-السعودي على الدوحة. وعلى الجانب الآخر في إسرائيل ستُقرأ الاتفاقية قراءة مختلطة بين القلق والفرصة فمن جهة القلق الرئيس يرتبط بقطاع غزة؛ إذا فسرت تل أبيب أن الاتفاقية قد تشجع قطر على زيادة دعم حماس سياسيًا وربما عسكريًا في الوقت التي ترتبط فيه حماس بعلاقات مع باكستان أيضاً؛ فإن إسرائيل سترى فيها مصدر تهديد مباشر لأمنها، خاصة بعد الهجوم الأخير على الدوحة؛ كما أن الاتفاقية قد تُعَقِّد جهود إسرائيل لتطبيع العلاقات مع دول إسلامية كبرى مثل باكستان، حيث ترتبط إسلام أباد الآن بتحالف دفاعي مع قطر التي تربطها رسميًا علاقات غير مباشرة مع إسرائيل؛ ومن ناحية أخرى، قد ترى إسرائيل في هذه الخطوة فرصة لزيادة عزلة إيران عدوها المشترك مع بعض الدول في الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى تعزيز الضغط على طهران، فقد يكون في مصلحة إسرائيل غير المباشرة، كما أن أي اتفاق يُعزز استقرار أسواق الطاقة يُعد مُهمًا لإسرائيل. في المحصلة فإن توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين قطر وباكستان – إذا تم – سيعمق الانقسامات الإقليمية ويُعتبر تحدياً مباشراً للمحور الذي تقوده السعودية ومصر وسيمثل للأخيرة تحديدًا تحديًّا استراتيجياً يعزز منافسيها الإقليميين ويدعم قوى مناوئة لها؛ أما إسرائيل فإنّ التداعيات أكثر تعقيداً، وتحمل مخاوف أمنية مرتبطة بغزة وحماس مما سيزيد المأسأة في غزة وسيعزز من فرص المواجهة مع مصر، لكنها قد تحمل فرصاً غير مباشرة في موازنة القوى ضد إيران. ومع ذلك يجب الانتباه بأن طبيعة ونطاق هذه الاتفاقية سيكونان محددين رئيسيين لمدى تأثيرها؛ هل ستكون رمزية أم ستترجم إلى تعاون عسكري ميداني ومشاركات استخباراتية عميقة؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد الحجم الحقيقي للتداعيات، خاصة في ظل الديناميكيات المتسارعة بعد الهجوم على الدوحة، والأطماع الإسرائيلية في الدول العربية والتحالفات الجديدة في المنطقة.