كشف مصدر مطلع في البيت الأبيض، عن أن الولايات المتحدة قررت إرسال 200 جندي أمريكي إلى إسرائيل ضمن مهمة محددة تهدف إلى ضمان تنفيذ بنود خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، ومنع أي محاولات لإفشال أو "تفخيخ" اتفاق شرم الشيخ المنتظر توقيعه رسميًا خلال الأيام المقبلة.
وأوضح المصدر، أن هذه القوات ستعمل تحت رقابة أمريكية مباشرة، لضمان أن تكون جميع خطوات الاتفاق منفذة بدقة وتحت الإشراف الكامل لواشنطن، تجنبًا لأي خرق محتمل من طرفي النزاع، سواء إسرائيل أو حماس.
دفعات جديدة ومهام دقيقة على الأرض
بحسب المصدر ذاته، فإن القوات الأمريكية المرسلة لن تكون الدفعة الوحيدة، إذ من المقرر وصول مجموعات إضافية في مراحل لاحقة مع تقدم تنفيذ بنود الاتفاق،
وسوف تتولى هذه القوات مراقبة مراحل الانسحاب الإسرائيلي الجزئي من قطاع غزة، والمساعدة في تفكيك سلاح حركة حماس، إضافة إلى مراقبة الالتزام ببنود الاتفاق التفسيرية لمنع أي تصعيد جديد قد يعيد إشعال الحرب.
ترامب يستعد لقيادة قمة شرم الشيخ
أكد المصدر أن الرئيس ترامب سوف يترأس خلال زيارته إلى شرم الشيخ قمة دولية تحمل عنوان "قمة السلام، حيث سوف يبحث مع القادة المشاركين آليات تمويل إعادة إعمار غزة، ووضع الخطوط العريضة والجدول الزمني لهذه العملية.
كما سوف يتناول النقاش تفاصيل المرحلة الانتقالية بعد تبادل الأسرى وإدخال المساعدات ووقف إطلاق النار، بما في ذلك إنشاء مجلس السلام المزمع أن يدير المرحلة لمدة ثلاث سنوات، ودراسة مستقبل حكم غزة بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
قواعد اشتباك
بحسب محللين ودبلوماسيين أمريكيين، فإن مهمة القوات الأمريكية في المنطقة ستخضع لما يسمى قواعد الاشتباك، أي أن وجودها سيكون محدود الصلاحيات ومشروطًا بعدم التدخل إلا في حالات الدفاع الذاتي.
وأشاروا إلى أن هذه القوات سوف تكون قوات مراقبة ولوجستية بالدرجة الأولى، ولن تشارك في أي مواجهات عسكرية، بل ستعمل على ضمان الالتزام بوقف إطلاق النار وتقديم الدعم الفني والإنساني في المناطق المتضررة.
تحذيرات من مخاطر الوجود العسكري الأمريكي
وصف الدبلوماسي الأمريكي السابق بيتر همفري هذه الخطوة بأنها "مغامرة مثيرة للجدل"، نظرًا للمخاطر التي قد تواجه القوات الأمريكية داخل غزة أو محيطها.
وقال همفري في تصريحاته، إن القوات الأمريكية ستعمل فعليًا كقوات حفظ سلام تفصل بين الفصائل الفلسطينية والقوات الإسرائيلية المتبقية خلال المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى أن هذه المهمة تضعها في مواجهة الخطر المباشر، ما يجعلها عرضة لهجمات محتملة من أي طرف.
وأضاف همفري، أن ترامب يسعى من خلال هذا التحرك إلى ترسيخ اتفاق السلام على الأقل لعام واحد مبدئيًا، على أمل أن يكون هذا النجاح مقدمة لنيله جائزة نوبل للسلام عام 2026، خاصة أنه سيكون حاضرًا بنفسه في توقيع الاتفاق، غير أن هذا الطموح – وفقًا له – قد يواجه تحديات من أطراف دولية مثل روسيا، التي قد تسعى لتصعيد الحرب في أوكرانيا لتشتيت الجهد الأمريكي.
تدعم جهود الإعمار والسلام
من جانبه، أوضح المدير التنفيذي لمركز السياسة الخارجية العالمية في واشنطن، جاستن توماس راسل، أن الدور الأساسي للقوات الأمريكية سيكون مراقبة تنفيذ بنود الاتفاق وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة.
وأكد أن مهامها تشمل أيضًا دعم الجهود الدولية لحفظ السلام، بناءً على طلب من الشركاء الإقليميين الذين سيشاركون ميدانيًا في إدارة الوضع داخل القطاع.
وأشار راسل إلى أن ترامب لا يتردد في قيادة حدث عالمي الأضواء مثل قمة شرم الشيخ، خاصة أنه يعتبر نفسه مهندس الصفقة المستحيلة التي أعادت الأمل في السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأوضح أن القمة سوف تضم نحو 20 زعيمًا دوليًا بينهم رؤساء دول كترامب، ماكرون، وميلوني، وستكون منصتها الرئيسية لإطلاق خطة إعادة الإعمار ورسم خريطة طريق مستقبلية قد تفتح الباب أمام إقامة دولة فلسطينية في المدى الطويل.
مستقبل غزة بعد الاتفاق
يرجح راسل أن القمة لن تحسم جميع تفاصيل حكم غزة في هذه المرحلة، لكنها ستؤسس لعملية سياسية ممتدة تحتاج إلى تعاون وصبر من جميع الأطراف، لاسيما أن التحديات الأمنية والاقتصادية داخل القطاع تتطلب معالجة تدريجية.
ويؤكد أن اتفاق شرم الشيخ – إذا تم بنجاح – سوف يكون نقطة تحول تاريخية تفتح الباب أمام مرحلة استقرار جديدة في المنطقة، بشرط أن تلتزم الأطراف كلها بخريطة الطريق التي ستضعها واشنطن تحت إشراف مباشر.