"فاينانشال تايمز" تكشف كيف استعادت حماس سيطرتها غزة بعد وقف إطلاق النار

غزة
غزة

كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن حركة حماس استعادت سيطرتها الميدانية على قطاع غزة خلال ساعات قليلة من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، في خطوة تعكس عزم الحركة على إعادة فرض نفوذها الكامل بعد أسابيع من الفوضى الميدانية والضربات الإسرائيلية المكثفة.

إعادة انتشار أمني واعتقالات موسعة

وبحسب ما نقلته الصحيفة عن شهود عيان، فإن حماس نشرت عناصرها في مختلف مناطق القطاع، وأقامت نقاط تفتيش لتأمين الطرق وملاحقة المطلوبين، كما خاضت اشتباكات محدودة مع مجموعات محلية واعتقلت فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع القوات الإسرائيلية.

وأوضحت الصحيفة أن هذه التحركات جاءت استنادًا إلى معلومات أمنية من تقارير أممية وصور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر انتشارًا واسعًا لعناصر الحركة في المدن والمخيمات الغزية، في محاولة لإعادة الانضباط الأمني وإنهاء نفوذ الفصائل التي دعمتها إسرائيل خلال الحرب.

عودة مفاجئة تثير دهشة سكان القطاع

ووفق التقرير، فإن عودة حماس القوية والمباغتة إلى الميدان بعد حملة عسكرية إسرائيلية عنيفة، أثارت دهشة واستغراب سكان غزة الذين لم يتوقعوا سرعة إعادة التنظيم بهذه الدرجة.

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه الأطراف الدولية لجولة جديدة من المفاوضات بشأن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تتضمن ترتيبات أمنية جديدة للقطاع بعد وقف إطلاق النار.

بنود الهدنة وترتيبات ما بعد الحرب

ونقلت "فاينانشال تايمز" أن اتفاق الهدنة ينص على تنفيذ صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بحلول الاثنين المقبل، يليها نشر قوة دولية لتتولى مهمة حفظ الأمن داخل قطاع غزة بعد نزع سلاح حماس.

إلا أن الحركة، وخلال الساعات الأولى من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، أظهرت استعراضًا واسعًا لقوتها العسكرية والأمنية، معلنة أنها ستتولى بنفسها حماية الأمن الداخلي وضمان استقرار القطاع، في رسالة تحدٍ واضحة لأي محاولات لانتزاع نفوذها.

اشتباكات في شمال القطاع

وفي شمال غزة، أفادت الصحيفة بأن الحركة خاضت اشتباكات عنيفة مع عشيرتين فلسطينيتين كانتا قد تلقتا دعمًا وتسليحًا من إسرائيل أثناء الحرب، وفق ما أكده دبلوماسي غربي مطلع على تفاصيل المواجهات.

أما في مدينة غزة، فقد انتشرت عناصر ملثمة من كتائب القسام لإقامة نقاط تفتيش وتفتيش المركبات بحثًا عن أسلحة أو مطلوبين، فيما شهدت خان يونس مفاوضات بين ممثلين عن حماس وميليشيا محلية للاتفاق على تسليم الأسلحة طوعًا لتجنب سفك الدماء، وفق ما ورد في قناة تابعة للحركة على "تلغرام".

مهلة 48 ساعة لتسليم السلاح

وفي مناطق متفرقة من القطاع، اندلعت اشتباكات متقطعة مع ميليشيات صغيرة نشأت أثناء الفوضى التي رافقت الحرب الأخيرة، بعضها تلقى دعمًا وتسليحًا إسرائيليًا.

وقد أصدرت حماس إنذارًا نهائيًا لمدة 48 ساعة لجميع خصومها لتسليم أسلحتهم وتسليم قادتهم للحركة، محذرة من التعامل معهم كخونة في حال الرفض.

لكن فصيل "القوى الشعبية" الذي يقوده ياسر أبو شباب، ويعد أبرز خصوم حماس ويسيطر على أجزاء واسعة من رفح بدعم وتدريب إسرائيلي مباشر، أعلن رفضه الانصياع للمهلة، ما يُنذر بتصاعد التوتر مجددًا في الجنوب.

دلالات الموقف

تشير هذه التطورات، وفق المراقبين، إلى أن حماس تسعى لتثبيت حضورها كقوة أمر واقع في غزة رغم الترتيبات الدولية الرامية لتقليص نفوذها، بينما تحاول إسرائيل والولايات المتحدة رسم مستقبل القطاع وفق رؤيتهما الأمنية والسياسية.

وبينما تستمر المفاوضات حول مستقبل غزة، يبدو أن الحركة ماضية في فرض قواعدها على الأرض، لتقول بوضوح إنها لا تزال اللاعب الأبرز في المعادلة الفلسطينية رغم كل ما جرى.

روسيا اليوم