أثيرت موجة كبيرة من الجدل بشأن مستقبل حركة "حماس" السياسي والعسكري بعد انتهاء الحرب في غزة، وذلك في ظل مؤشرات على انقسام داخلي ومخاوف من انزلاق القطاع إلى صراع داخلي جديد.
وأشار المراقبون، إلى أن الحركة تقف اليوم على مفترق طرق حاسم بين البقاء كقوة مسلحة أو التحول إلى حزب سياسي ضمن المنظومة الفلسطينية.
وعي جديد وواقع مختلف
وفي هذا الإطار، أكد إبراهيم المدهون، مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام "فيميد"، في حديث لسكاي نيوز عربية من إسطنبول، إن الحرب الأخيرة "شكلت وعيًا جديدًا وواقعًا مختلفًا"، موضحاً أن "غزة اليوم أمام كارثة إنسانية كبرى تضم أكثر من 67 ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى والنازحين، ما يتطلب مراجعات ومواقف حاسمة".
وتابع "المدهون"، أن مؤسسات حماس "السياسية والعسكرية والشورية لا تزال فاعلة"، مؤكداً أن الحركة "ستلتزم بما يتفق عليه وطنياً ودولياً"، لكنه شدد على أن مسألة نزع السلاح ما تزال قيد النقاش.
كما أشار "المدهون"، إلى أن "كل السيناريوهات مطروحة، لكن الحسم مبكر قبل وجود ضمانات لإقامة دولة فلسطينية".
انتقادات فتح وسلوك ميداني مثير للجدل
ومن جهته، أكد جمال نزال، عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها من دوسلدورف، أن سلوك حماس الأخير "يناقض تماماً فكرة التحول السياسي"، مشيراً إلى أن الإعدامات الميدانية التي نفذتها الحركة بحق فلسطينيين في غزة "تمثل عودة إلى روتينها القديم".
وأردف "نزال"، قائلًا: "منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007، شهدنا اغتيالات سياسية غير مسبوقة، وهذا السلوك لا يتناسب مع حركة تدعي رغبتها في التحول إلى حزب سياسي".
وشدد "نزال"، على أن قرار السابع من أكتوبر "جر على الفلسطينيين كارثة وطنية"، مؤكداً أن الحديث عن نزع السلاح "ليس خياراً انتقائياً، فالخطة الأميركية تشمل 20 بنداً مترابطة لا يمكن تطبيق بعضها ورفض الأخرى"، لافتاً إلى أن التحالفات الغامضة بين حماس وإدارة ترامب تثير تساؤلات حول مستقبلها السياسي.
وبالتزامن مع هذه الأجواء، ظهرت مجموعة مسلحة تسمي نفسها "الجيش الشعبي" سيطرتها على مناطق شمال القطاع وتحذيرها لعناصر حماس من الاقتراب منها، لكن "المدهون" قلل من أهمية تلك البيانات، قائلاً: "تلك جهات لا وجود حقيقي لها على الأرض وربما تدار من الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني "واعي ومسؤول ولن ينجر إلى حرب أهلية".
تحذيرات من سيناريو العزلة
كما وجه "نزال"، تحذير من "سيناريو أخطر" تسعى من خلاله إسرائيل إلى إبقاء حماس في جزء من القطاع تحت سيطرة محدودة، موضحاً أن "تجميد خطوط التماس سيمنع إعادة الإعمار ويبقي غزة في عزلة خانقة"، مضيفاً: "قد يكون هذا ما تريده تل أبيب لإبقاء حماس رهينة الواقع الميداني بدل حلها السياسي".
وأوضح "نزال"، أن وعود المراجعة لدى حماس وتحذيرات فتح من إعادة إنتاج الانقسام، يبقى مستقبل غزة معلقاً بين خيارين متناقضين:
- إما التحول إلى مرحلة سياسية جديدة.
- أو الانزلاق نحو صراع داخلي يعيد المشهد الفلسطيني إلى نقطة الصفر.