كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الخميس 16 أكتوبر 2025، أن وزارتي الخارجية والقضاء الإسرائيليتين عقدتا اجتماعًا مشتركًا مع جهات أمنية لبحث السياسة الإعلامية الإسرائيلية في ما يتعلق بالسماح بدخول الصحافيين الأجانب إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
ويأتي هذا التحرك بعد تزايد الضغوط والطلبات الدولية من مؤسسات إعلامية كبرى للحصول على إذن للتغطية الميدانية المستقلة، في ظل استمرار المنع الإسرائيلي المفروض منذ عامين على الصحافة الأجنبية داخل القطاع.
اتجاه متصاعد لرفع الحظر الإعلامي
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مصدر مطّلع في وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن هناك توجهًا واضحًا داخل الحكومة نحو الموافقة على فتح القطاع أمام الإعلام الدولي، مع تزايد القناعة بأن استمرار المنع بات شبه مستحيل.
وأشار المصدر إلى أن فتح معبر رفح واستعداد قوات دولية للدخول إلى غزة سوف يجعلان من الصعب استمرار سياسة التعتيم، كما سوف يتيح ذلك نقل الصور والتقارير الميدانية إلى الخارج، ما يضع إسرائيل أمام واقع جديد يصعب تجاهله.
تصريحات نتنياهو والضغوط الدولية
ووفقًا للتقرير، فقد تداولت وسائل إعلام أجنبية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح مؤخرًا إلى السماح بدخول الصحافيين الأجانب إلى غزة خلال المرحلة المقبلة، في إطار ما وصفه بتغير الواقع الميداني.
وتؤكد "هآرتس" أن أحد أبرز المبررات التي استخدمتها إسرائيل لمنع التغطية، وهو الخطر الأمني على الصحافيين أثناء القصف، لم يعد قائمًا بعد توقف العمليات العسكرية، مما يسقط الحجة الأساسية للمنع.
خسائر جسيمة في صفوف الصحافيين
وخلال العامين الماضيين، تحول الصحافيون في غزة إلى أهداف مباشرة للقصف الإسرائيلي، حيث وثقت منظمات ميدانية وأممية مقتل نحو 254 صحافيًا وصحافية منذ اندلاع الحرب، في انتهاك واضح لمبادئ القانون الدولي الإنساني الذي يمنح الصحافيين حماية خاصة أثناء النزاعات.
كما اتهمت تقارير حقوقية الجيش الإسرائيلي باستهداف المؤسسات الإعلامية عمدًا بهدف طمس الحقائق ومنع وصول صور الدمار والضحايا إلى الرأي العام العالمي.
مخاوف إسرائيلية
وترى جهات إسرائيلية أمنية ودبلوماسية أن السماح للإعلام الدولي بالدخول إلى غزة قد يشكل ضررًا لصورة إسرائيل عالميًا، خصوصًا مع احتمال نشر مشاهد الدمار الهائل في جباليا وتل السلطان والمناطق التي دمّرها الجيش بالكامل.
وبالمقابل، أوصت هذه الجهات بضرورة الاستعداد المسبق إعلاميًا عبر تجهيز مواد تروج لـ«الرواية الإسرائيلية» التي تبرر مستوى الدمار باعتباره نتيجة لوجود شبكات أنفاق تابعة لحركة حماس تحت المناطق المستهدفة.
انتظار القرار النهائي
حتى الآن، لا يزال القرار النهائي بيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إذ تنتظر وزارة الخارجية الإسرائيلية توجيهاته لحسم الموقف من السماح أو الاستمرار في المنع.
وفي حال صدور قرار بالسماح، فسوف يشكل ذلك تحولًا كبيرًا في السياسة الإعلامية الإسرائيلية تجاه غزة، بعد عامين من التعتيم ومحاولات فرض الرواية الرسمية التي حدّت من قدرة العالم على مشاهدة الحقيقة الكاملة لما جرى داخل القطاع.