في مشهد استثنائي نادر في تاريخ المفاوضات الشرق أوسطية، تحدث المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن لقاء وجهاً لوجه جمعه بالقيادي في حركة حماس خليل الحية، خلال محادثات وقف الحرب في غزة التي استضافتها مصر مطلع أكتوبر الجاري.
اللقاء، الذي وصفه ويتكوف بأنه من أكثر اللحظات تأثيرًا في مسيرته، تحول من نقاش سياسي إلى لحظة إنسانية مؤثرة، بعد أن تبادل الطرفان الحديث عن تجربتهما المشتركة في فقدان الأبناء.
حوار بين الألم والسياسة
وفي مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” على قناة CBS الأميركية، أوضح ويتكوف أنه عندما دخل القاعة لحضور الاجتماع مع وفد حماس فوجئ بأن مقعده كان إلى جوار خليل الحية مباشرة.
وأضاف المبعوث الأميركي قائلًا:"قدمنا له التعازي في فقدان ابنه، وأخبرته أنني أيضًا فقدت ابني، في تلك اللحظة أدركنا أننا نشارك ألمًا واحدًا، كنا كعضوين في نادي قاسي للغاية، آباء دفنوا أبناءهم."
وخلال اللقاء، بدا واضحًا أن الجانب الإنساني تجاوز حدود الخلاف السياسي، خاصة أن كلا الرجلين يحملان جرحًا شخصيًا عميقًا خلف أدوارهما الرسمية.
مأساة فقدان الأبناء تجمع بين المفاوضين
فقد خليل الحية نجله همام في غارة إسرائيلية على مقر إقامة قادة الحركة في الدوحة في التاسع من سبتمبر الماضي، وهي العملية التي فشلت في استهداف القادة الرئيسيين لكنها أودت بحياة ابنه.
أما ويتكوف، فقد فقد ابنه أندرو عن عمر 22 عامًا نتيجة جرعة زائدة من المواد الأفيونية، وهو ما ترك في نفسه جرحًا عميقًا لا يزال يرافقه حتى اليوم.
هذه التجربة المأساوية المشتركة كانت كفيلة بأن تخلق لحظة صمت وتعاطف في قلب المفاوضات السياسية الصعبة.
غضب أميركي
وتطرق ويتكوف خلال المقابلة إلى الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مفاوضي حركة حماس في قطر الشهر الماضي، مؤكدًا أنه شعر حينها بـ"الخيانة".
وقال بوضوح: "أنا وجاريد كوشنر شعرنا بأننا خذلنا، كنا نعمل على تقريب الأطراف، لكن الغارة أنهت مسار التفاوض فجأة."
وأوضح أن الضربة أدت إلى تجميد المباحثات غير المباشرة التي كانت تهدف لإنهاء الحرب المدمرة في غزة، كما أفقدت قطر – الشريك الرئيسي في الوساطة – ثقتها في العملية التفاوضية، مما صعّب الوصول إلى حماس من جديد.
ترامب يتدخل شخصيًا
وكشف ويتكوف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدخل شخصيًا بعد الغارة، حيث كتب على منصاته أن القرار اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دون تنسيق مسبق مع واشنطن.
وأضاف أن ترامب، وخلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى البيت الأبيض، ضغط عليه للاتصال برئيس الوزراء القطري وتقديم اعتذار رسمي عن الهجوم الذي تسبب في أزمة دبلوماسية معقدة، وأوقف مسار المفاوضات التي كانت تقترب من نتائج ملموسة.
