القاهرة ترسم ملامح "المرحلة الجديدة" في غزة حماس بين خيار الشراكة السياسية أو العزلة الإقليمية
بقلم حلمي الغول/ صحفي فلسطيني
تشهد القاهرة هذه الأيام حراكاً سياسياً لافتاً بين الفصائل الفلسطينية برعاية رئيس المخابرات المصرية، اللواء حسن رشاد، في خطوة تحمل ملامح التحضير لمرحلة مفصلية في مستقبل غزة والملف الفلسطيني بأكمله. دور مصري متصاعد ووساطة متعددة الأطراف تسعى مصر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، إلى بلورة "خارطة طريق فلسطينية موحدة" تمهّد لتطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار المعروف بـ خطة ترامب. وتشمل هذه المرحلة ملفات إعادة الإعمار، وتثبيت الهدنة، وإعادة ترتيب إدارة غزة بما يضمن استقرار ما بعد الحرب، وسط تأكيد مصري على أن الحل يجب أن يبقى فلسطينياً – فلسطينياً دون أي وصاية أو تدخل أجنبي يمسّ السيادة الوطنية. حماس أمام معادلة دقيقة في المقابل، تجد حركة حماس نفسها أمام واقع سياسي جديد يفرض عليها خيارات صعبة: إما الانخراط في تسوية وطنية تشارك فيها السلطة الفلسطينية ضمن حكومة موحدة، أو المخاطرة بالدخول في عزلة سياسية وإقليمية مع تقلّص مساحة المناورة. وتشير أوساط سياسية إلى أن القاهرة تبذل جهوداً مكثفة لتقريب وجهات النظر بين حماس والسلطة، تمهيداً لتفاهمات تضمن وحدة الموقف الفلسطيني في المرحلة المقبلة. رفض للوصاية الدولية وتأكيد على السيادة مصادر فلسطينية مطلعة أكدت أن اللقاءات الأخيرة حملت موقفاً موحداً برفض أي وصاية أو قوات دولية داخل الأراضي الفلسطينية، باعتبار ذلك مساساً مباشراً بالسيادة الوطنية. وشددت الفصائل على أن إدارة غزة يجب أن تكون بقرار فلسطيني خالص، وبإشراف وطني يضمن العدالة في توزيع الإعمار وعودة الحياة الطبيعية إلى القطاع. النجاح أو الفشل… مفترق طرق جديد تتوقف مآلات هذه الجهود على عدة عوامل حاسمة: مدى التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وانسحابها من بعض مناطق القطاع. قدرة الفصائل والسلطة على التوافق لإدارة مرحلة ما بعد الحرب. سرعة تنفيذ برامج الإعمار وضمان مشاركة فلسطينية فاعلة فيها. فعالية الدور المصري والقطري والأمريكي في مراقبة التنفيذ وضمان عدم انهيار الاتفاق. غزة بين الأمل والتحدي في حال نجحت هذه المساعي، فإن غزة قد تفتح فصلاً جديداً من الاستقرار وإعادة الإعمار، وربما بداية حقيقية لاستعادة الوحدة الفلسطينية. أما في حال التعثر أو غياب الضمانات، فستبقى المنطقة أمام خطر العودة إلى مربع التوتر والانقسام، لتظل غزة ـ كما كانت دائماً ـ نقطة اختبار للإرادات العربية والدولية على حد سواء.
