من بين ركام غزة إلى حضن الرئيس السيسي.. القصة الكاملة للطفلة الفلسطينية ريتاج

ريتاج جحا
ريتاج جحا

لم تتخيل الطفلة الفلسطينية ريتاج أن رحلتها من تحت أنقاض منزلها المدمر في غزة ستقودها يوماً إلى الجلوس بجوار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مشهد إنساني مؤثر شهدته احتفالية "وطن السلام" بالعاصمة الإدارية الجديدة، ليجسد اللقاء قصة نجاة وأمل وسط الألم والدمار.

من هي ريتاج؟

ولدت الطفلة ريتاج محمد رياض جحا في 13 يوليو عام 2015، وهي ابنة مدينة غزة التي عرفت الحروب والدمار جيلاً بعد جيل، كانت طفلة في التاسعة من عمرها، تعيش حياة هادئة وبسيطة بين والديها وإخوتها، لا تعرف من العالم سوى دفء العائلة وأحلام الطفولة الصغيرة، إلى أن جاء يوم 25 يناير 2023 ليغير مسار حياتها بالكامل.

1.jpeg
 

في تلك الليلة، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلتها بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، فاختلطت أصوات الصواريخ بصراخ الأطفال ودموع الأمهات، داخل غرفتها الصغيرة، كانت ريتاج تجلس بجانب إخوتها عندما دوى الانفجار العنيف، وبدأت الجدران تتهاوى والسقف ينهار، فيما خنق الغبار صرخاتها وهي تنادي على أمها.

لحظات قليلة كانت كافية لتحول البيت إلى كومة من الركام، لتبقى عالقة تحت الأنقاض لما يقارب اليومين، لم تعرف من بعدها سوى العتمة والأنين وصوت محاولات الإنقاذ البعيدة.

وبعد ساعات طويلة من البحث وسط الأنقاض، عثرت فرق الإنقاذ على ريتاج وهي في حالة شبه غيبوبة، جسدها الصغير مغطى بالجروح، وساقها اليسرى تهشمت بالكامل بعد أن سقط عليها الجدار.

نقلت إلى المستشفى في حالة حرجة، وهناك بدأت رحلة الألم الطويلة، بعد أيام قليلة، استيقظت لتتلقى الخبر الذي حطم ما تبقى من طفولتها، عائلتها كلها رحلت ولم ينجو أحد، كانت الناجية الوحيدة من بين 89 فردًا من عائلتها، بينهم والداها وإخوتها وأقاربها.

وصفت التقارير الفلسطينية قصة ريتاج بأنها من أكثر المآسي وجعًا في الحرب الإسرائيلية على غزة، تلك الحرب التي لم تبقي للمدنيين مأوى ولا للأطفال أحلامًا.

فقدت ريتاج منزلها وساقها وعائلتها، لكنها لم تفقد براءتها ولا إصرارها على الحياة، وبعد شهور من العلاج المكثف، استعادت جزءًا من عافيتها، وأصبحت تتنقل بعكاز صغير، يحمل في كل خطوة منه رمزًا لصمودها وقوتها.

انتقلت ريتاج لاحقًا إلى مصر ضمن مجموعة من الأطفال الفلسطينيين الذين نقلوا لتلقي الرعاية الصحية والنفسية، وهناك بدأت مرحلة جديدة من حياتها.

2.jpeg
 

وفي لحظة مؤثرة ستظل محفورة في الذاكرة، ظهرت ريتاج خلال احتفالية "وطن السلام" بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، لم تكن مجرد طفلة تكرم في مناسبة رسمية، بل كانت رمزًا للأمل الذي يولد من بين الركام.

وعندما طلبت الجلوس بجوار الرئيس، استجاب السيسي بابتسامة حانية واحتضان أبوي، ثم قبل رأسها في مشهد إنساني مؤثر أبكى الحاضرين، وأرسل رسالة تضامن عميقة من مصر إلى أطفال فلسطين.

1.jpeg
 

تفاعل المصريون والعرب مع المشهد الإنساني الذي جمع ريتاج بالرئيس السيسي، فانتشرت الصور على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقة بتعليقات مؤثرة عبرت عن تعاطف كبير مع الطفلة، وعن تقدير لموقف الرئيس الإنساني. وكتب كثيرون أن ابتسامتها رغم الألم كانت أصدق تعبير عن شجاعة أطفال غزة، وأن نظرتها البريئة حملت وجع أمة بأكملها.

وبحسب التقارير الفلسطينية، تواصل ريتاج اليوم تلقي العلاج الطبيعي والدعم النفسي، بإشراف فرق طبية وإنسانية متخصصة تعمل على تأهيلها جسديًا واجتماعيًا، لتستعيد قدرتها على المشي مجددًا، وتتمكن من العودة إلى مقاعد الدراسة، فهي رغم ما فقدته، لا تزال متمسكة بالأمل، وتحلم بأن تركب طرفًا صناعيًا لتجري وتلعب مثل باقي الأطفال في عمرها.

قصة ريتاج ليست حالة فردية، بل تختصر مأساة آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين حرموا من ذويهم بفعل الحروب المتكررة على غزة، ومع ذلك، تبقى قصتها شاهدًا حيًا على صمود الفلسطينيين وقدرتهم على النهوض من بين الرماد مهما اشتدت المآسي.

وكالات