أفادت صحيفة تقريرًا تناولت فيه المخاوف من تحول خطوط وقف إطلاق النار المؤقت إلى حدود دائمة، مشيرة إلى أن الخطوط الصفراء التي رسمها جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأت تقسم قطاع غزة فعليًا، في ظل تراجع الآمال بالانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة.
وأكدت "الصحيفة"، أن الخط الأصفر، الذي وضع في الأساس كحد مؤقت لوقف إطلاق النار، أصبح يكتسب طابعًا دائمًا، مع استمرار تعثر الهدنة الهشة واحتمال انعكاسها على مستقبل فلسطين بشكل خطير.
علامات خرسانية تقسم غزة
كما بدأ الجيش الإسرائيلي بتركيب علامات خرسانية صفراء كل 200 متر لتحديد المناطق الخاضعة لسيطرته خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ما أدى إلى قطع غزة إلى نصفين تقريبًا.
فيما يتعلق بالجزء الغربي من القطاع، تحاول حماس إعادة فرض سيطرتها على المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية جزئيًا، حيث نفذت عمليات إعدام علنية ضد ميليشيات مدعومة من إسرائيل.
أما القطاع الشرقي والشمال والجنوب، فقد عزز الاحتلال وجوده العسكري، وأطلق النار على أي شخص يقترب من الخط، سواء كان معلمًا بالكتل الصفراء أم لا.
روايات من قلب المعاناة
وفي هذا الصدد، قال محمد خالد أبو الحسين (31 عامًا)، وهو أب لخمسة أطفال: "في منطقتنا الخطوط الصفراء غير واضحة، لا نعرف أين تبدأ أو تنتهي، وكلما اقتربنا من بيوتنا يبدأ الرصاص بالتساقط من كل مكان، كأن الحرب لم تنتهِ بعد".
كما قال أيمن أبو منديل (58 عامًا) من القرارة شرق خانيونس، فقال: "الجيش نصب أبراج مراقبة ودبابات، يراقبون كل حركة ويطلقون النار على من يقترب، لم نرَ العلامات الصفراء بأنفسنا لأن الوصول إليها يعني الموت".
وفي السياق ذاته، أصدر وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس سياسة إطلاق نار فورية على طول الخط الأصفر، بعد هجوم في رفح أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين، ورغم مرور أسبوعين على الهدنة، يقتل نحو 20 فلسطينيًا يوميًا، معظمهم قرب الخط الفاصل.
مخطط يثير الشبهات
وبحسب الصحيفة، تواجه المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار عقبات كبيرة، تشمل نزع سلاح حماس واستبدالها بـ قوة استقرار متعددة الجنسيات، وهو ما يرفضه اليمين الإسرائيلي الحاكم بشدة.
كما توقع محللون عسكريون أن يتحول الخط الأصفر إلى حاجز دائم ومتطور يقلّص مساحة غزة ويوسّع منطقة النقب الغربي، بما يسمح ببناء مستوطنات إسرائيلية جديدة هناك.
وقال جيريمي كونينديك، رئيس منظمة "لاجئون الدولية": "يبدو الأمر وكأنه ضم تدريجي فعلي لقطاع غزة".
صور الأقمار الصناعية تكشف الحقيقة
والجدير بالإشارة أن تحليل أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) باستخدام صور الأقمار الصناعية أظهرت أن العلامات الصفراء الجديدة تجاوزت الخط المقترح بمئات الأمتار، ما يشير إلى استحواذ إضافي واسع على الأراضي الفلسطينية.
وبحسب التقرير، فإن الاحتلال يسيطر فعليًا على 53% من مساحة غزة، بينما يتكدّس أكثر من 2.1 مليون فلسطيني في النصف الآخر وسط أنقاض عامين من القصف الإسرائيلي المتواصل.
تحذيرات دولية من تثبيت الأمر الواقع
وفي سياق متصل، قال روهان تالبوت، مدير المناصرة في منظمة العون الطبي لفلسطين: "الوضع غامض للغاية، والأطراف المتعددة تتسابق لتفسير ما سيحدث لاحقًا، لكن التاريخ أثبت أن أي إجراء مؤقت في الأراضي الفلسطينية سرعان ما يتحول إلى أمر دائم".
وفي ظل هذا الواقع، يبقى نصف سكان غزة بعيدين عن منازلهم، محرومين من العودة أو حتى التفكير في إعادة الإعمار، فيما تتلاشى سريعًا الآمال التي أثارها وقف إطلاق النار.
وقال صلاح أبو صلاح من عبسان الكبيرة شرق خانيونس: "كل مرة نحاول فيها الاقتراب من بيوتنا نرى دمارًا جديدًا وقصفًا متجدّدًا، وكأن الحرب لم تنتهِ أبدًا".
