تعمل سلطة النقد الفلسطينية حاليًا على إعداد مشروع قانون اقتصادي جديد يهدف إلى تقليص استخدام النقد في السوق المحلية، في خطوة نحو تعزيز الاقتصاد الرقمي وتنظيم حركة الأموال.
ويقضي مشروع القانون بحظر أي دفعة نقدية تتجاوز 20 ألف شيكل للصفقة الواحدة أو ما يعادلها من العملات المتداولة، بحيث تجرى المدفوعات الكبرى عبر التحويلات المصرفية أو أنظمة الدفع الإلكتروني.
وبحسب مسودة المشروع، ستكون سلطة النقد مخوّلة بتعديل هذا السقف بالتنسيق مع وزارة المالية، مع إمكانية رفع الحد مؤقتًا في حالات خاصة مثل شراء العقارات أو التعاملات الطارئة.
أهداف المشروع
يأتي هذا القرار ضمن استراتيجية شاملة تتبناها سلطة النقد للانتقال نحو اقتصاد رقمي متكامل، عبر تشجيع المواطنين والتجار على استخدام المحافظ الإلكترونية وأنظمة الدفع غير النقدي.
والهدف من هذه الخطوة هو خفض حجم النقد المتداول في السوق المحلي، والحد من الاعتماد على الشيكل الإسرائيلي الذي يشكل العمود الفقري للمعاملات اليومية داخل الأراضي الفلسطينية.
وتظهر البيانات الرسمية وجود فائض نقدي يتجاوز 15 مليار شيكل عن المعدل الطبيعي، ما يحدث ضغطًا كبيرًا على الجهاز المصرفي في عملية إدارة السيولة وتحويل الأموال إلى البنوك الإسرائيلية وفق التفاهمات المالية القائمة.





مخاوف من ركود اقتصادي
رغم أهمية المشروع في تعزيز الشفافية المالية، إلا أن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن تطبيق القرار بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى تباطؤ في حركة التجارة الداخلية، خاصة أن نسبة كبيرة من المعاملات بين التجار الفلسطينيين والإسرائيليين تعتمد على الدفع النقدي المباشر.
ويخشى اقتصاديون من ظهور سوق نقدية موازية في حال لم ترافق هذه الإجراءات خطة تدريجية واضحة للرقابة والتطبيق، بحيث يتم الانتقال نحو الاقتصاد الرقمي دون الإضرار بالنشاط التجاري أو تعطيل السوق المحلية.
تحديات التطبيق
يأتي القانون في ظل ظروف اقتصادية معقدة تعيشها الأراضي الفلسطينية، تتسم بارتفاع معدلات البطالة والفقر وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، مما يثير تساؤلات حول توقيت القرار وقدرته على تحقيق التوازن بين التنظيم المالي والواقع المعيشي.
ويرى مراقبون أن إصدار القانون بصيغته الحالية لن يعالج أزمة تكدس الشيكل في البنوك، ما لم تقدم سلطة النقد حلولًا جذرية لإدارة السيولة قبل بدء التنفيذ.
ومن المقرر أن تطرح المسودة للنقاش في جلسات حوارية متخصصة تضم ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني، للوصول إلى صيغة توافقية تضمن فعالية النظام المالي الجديد دون الإضرار بالسوق المحلي.
