أشعلت تصريحات أطلقها بعض الشخصيات الإسرائيلية من بينهم إيدي كوهين حول أن اليهود هم بناة الأهرامات وأن اسم "مصر" مشتق من كلمة توراتية "مصرايم"، موجة من الجدل الواسع داخل الأوساط الثقافية والعلمية في مصر، لكن الرد جاء سريعًا وحاسمًا من عالم المصريات المعروف الدكتور وسيم السيسي، الذي أكد أن التاريخ لا يزور، والحضارة لا تختطف بالشائعات.
المتحف المصري الكبير
في حوار مع الإعلامية عزة مصطفى في برنامج "الساعة 6" على قناة "الحياة"، شدد وسيم السيسي على أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل أقوى رد عملي وعلمي على هذه الادعاءات التي تهدف إلى طمس الهوية المصرية وإعادة كتابة التاريخ.
وقال إن هذه المزاعم ليست سوى جزء من حرب معلومات منظمة ضد مصر، مؤكداً أن وعي المصريين بتاريخهم هو السلاح الأقوى في مواجهة تلك الحملات، وأن المتحف الجديد يقدّم للعالم دليلًا حيًا على أن المصريين القدماء هم من أسسوا أعظم حضارة عرفتها البشرية.
الأدلة التاريخية تفضح الادعاءات
وأوضح السيسي أن الحقائق الأثرية الثابتة تؤكد أن بناء الهرم الأكبر تم نحو عام 2800 قبل الميلاد، أي قبل ظهور النبي إبراهيم عليه السلام بأكثر من ألف عام، وهو ما ينفي تمامًا أي صلة لليهود ببناء الأهرامات.
وأضاف أن حتى نصوص التوراة نفسها تُظهر أن المصريين كانوا أمة متقدمة، قائلاً: "يوسف عليه السلام طلب من إخوته ألا يأكلوا مع المصريين، لأنهم كانوا أصحاب حضارة ونظام، وليسوا مجرد رعاة كما يزعم البعض".
دليل تفوق حضاري مبكر
استشهد السيسي برأي العالم البريطاني جون تيلور، الذي أكد في كتابه "رياضيات الهرم الأكبر" أن المصريين القدماء اكتشفوا النسبة التقريبية (π) قبل أكثر من 3000 عام، وهو اكتشاف لم تعرفه أي حضارة أخرى في تلك الفترة.
وقال إن هذا الاكتشاف يعكس تفوق المصريين في الرياضيات والهندسة والفلك، وهي علوم لا يمكن أن تتوافر في مجتمع بدائي أو مستورد للمعرفة من الخارج.
شهادات عالمية تدحض الرواية الإسرائيلية
وفي تأكيد إضافي، أشار وسيم السيسي إلى أن المؤرخ اليهودي زئيف هرتسوج نفسه اعترف في كتابه "الكتاب المقدس مكشوفًا على حقيقته" بأن اليهود لم يكونوا بناة الأهرامات، بل كانوا مجرد قبائل عاشت على هامش حضارة مصر العريقة، وأن مصر كانت دولة متقدمة قبل وجود بني إسرائيل بقرون طويلة.
كما صرّح البروفيسور جوناثان ماير، رئيس قسم الدراسات القديمة بجامعة هارفارد، بأن جميع التحليلات الأثرية والفلكية تؤكد أن الأهرامات من تصميم وبناء المصريين القدماء، وأنها تبرهن على حضارة مستقلة، تجاوزت مستوى تطور الشعوب الأخرى في عصرها.
رأي علماء المصريات
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد عبد الحميد، أستاذ التاريخ والحضارة المصرية القديمة بجامعة القاهرة، أن محاولات نسب بناء الأهرامات لليهود ليست سوى "تشويه متعمد للهوية المصرية"، مؤكدًا أن كل الأدلة المادية والكتابية تثبت أن الفراعنة هم من شيدوا هذه الصروح.
وفي السياق ذاته، قالت الدكتورة ليلى عطية، الباحثة في مركز الدراسات الفرعونية، إن افتتاح المتحف المصري الكبير هو إعلان عالمي جديد عن استمرارية الحضارة المصرية، مضيفة أن المعروضات تكشف تطور الهندسة والعمارة والعلوم في زمن لم تعرف فيه البشرية مفهوم التكنولوجيا.
هدية مصر للعالم
اختتم الدكتور وسيم السيسي حديثه بالتأكيد على أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع أثري ضخم، بل رسالة فخر ووعي للأجيال القادمة، وقال: "هذا المتحف هدية للمصريين أولاً ليعرفوا تاريخهم العظيم، ثم للعالم ليدرك حجم عبقرية المصري القديم."
ويضم المتحف آلاف القطع الأثرية النادرة التي توثق مسيرة مصر من عصور ما قبل الأسرات إلى العصور اليونانية والرومانية، مما يجعله أكبر متحف حضاري في العالم.
