كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفكر جديًا في حلّ الكنيست والدعوة لانتخابات عامة مبكرة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، في خطوة قد تعيد خلط الأوراق السياسية داخل إسرائيل.
وتأتي هذه الأنباء في ظل تصاعد الجدل السياسي والإعلامي بعد فضيحة المدعية العامة العسكرية السابقة، اللواء يفعات تومر–يروشلمي، التي استقالت مؤخرًا عقب تسريب فيديو يظهر اعتداء جنود إسرائيليين على معتقل فلسطيني داخل سجن عسكري عام 2024.
وبحسب تقرير بثته هيئة البث الإسرائيلية “كان”، فإن مستشارين مقربين من نتنياهو حثوه على استثمار الظرف الراهن عبر التوجه سريعًا إلى صناديق الاقتراع، معتبرين أن توقيت الانتخابات في ظل تصاعد الصراع مع المؤسسة القضائية يمثل “فرصة ثمينة” يمكن توظيفها لصالح حزب الليكود.
الملف القضائي
ترى الدائرة المقربة من نتنياهو أن التركيز على ملف القضاء الإسرائيلي يمكن أن يشكل محورًا رئيسيًا لحملته الانتخابية المقبلة خاصة مع تزايد التوتر بين الحكومة والمحكمة العليا.
ويعتقد هؤلاء أن طرح الانتخابات على خلفية أزمة القضاء سوف يتيح لنتنياهو إعادة صياغة المعركة السياسية على أنها صراع بين “الإرادة الشعبية” التي يمثلها الليكود و”المؤسسة القضائية” التي تتهمها الحكومة بتقويض قراراتها.
ووفق المحللين، يسعى نتنياهو إلى تحويل قضيته الجنائية الجارية إلى ساحة مواجهة سياسية، بحيث تصبح الانتخابات بمثابة “استفتاء شعبي” على شرعيته وليس مجرد تنافس حزبي تقليدي.
التردد داخل معسكر نتنياهو
رغم الحماس من بعض مستشاريه، إلا أن نتنياهو لم يحسم قراره بعد، إذ يخشى أن تؤدي الانتخابات المبكرة إلى تعطيل الجهود القانونية الجارية لإيقاف محاكمته الجنائية، وتشير التقديرات إلى أن رئيس الوزراء يأمل في تمرير تشريع يوقف محاكمته أو يؤجلها خلال ما تبقى من عمر الحكومة الحالية، وهو أمر قد يصعب تحقيقه إذا تم حلّ الكنيست سريعًا.
لذلك، يسود تردد داخل الدائرة الضيقة حول التوقيت الأنسب، بين من يرى أن الانتخابات الآن قد تعيد لليكود قوته الشعبية، وبين من يفضل الانتظار حتى إنجاز خطوات قانونية تحصّن نتنياهو من المحاكمة.
تجميد ملف إعفاء المتدينين من التجنيد
وفي سياق متصل، قرر نتنياهو تجميد النقاش حول قانون إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، بعد أن وجه رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بوعز بيسموت، بعدم عقد جلسات لمناقشة القانون هذا الأسبوع.
ويرى مراقبون أن تجميد هذا الملف الحساس يعكس رغبة نتنياهو في تجنب أي انقسام داخلي داخل الائتلاف الحاكم في وقت يحاول فيه تثبيت استقراره السياسي قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن الانتخابات.
نفي رسمي من مكتب رئيس الوزراء
من جانبه، نفى مكتب نتنياهو رسميًا وجود أي نية حالية للتوجه نحو انتخابات مبكرة، مؤكدًا أن هذا الموضوع غير مطروح على جدول الأعمال.
إلا أن مصادر سياسية في تل أبيب قالت إن الدوائر الداخلية في حزب الليكود تشهد نقاشات مكثفة حول السيناريوهات الممكنة للانتخابات، خاصة إذا استمر الضغط القضائي وتزايدت تبعات قضية المدعية العامة العسكرية السابقة.
فضيحة تومر–يروشلمي
وتعود جذور الأزمة الحالية إلى تسريب مقطع فيديو يظهر مجموعة من الجنود الإسرائيليين وهم يعتدون بعنف على معتقل فلسطيني معصوب العينين داخل مركز احتجاز تابع للجيش في سدي تيمان.
وبعد انتشار المقطع على نطاق واسع، أعلنت المدعية العامة العسكرية يفعات تومر–يروشلمي استقالتها من منصبها، وسط تحقيق رسمي فتحه الجيش في الواقعة، قبل أن يتم توقيفها لاحقًا بتهمة التورط في تسريب الفيديو.
وقد تحول هذا الملف إلى قضية رأي عام داخل إسرائيل، حيث يرى مؤيدو نتنياهو أن تسريب الفيديو تم توظيفه من قبل خصومه السياسيين في المؤسسة العسكرية والقضائية لإضعاف الحكومة وإحراجها أمام الرأي العام الدولي.
