في عالم المال والأعمال، حيث تحكم الحسابات الدقيقة وفرص الاستثمار العقلانية، برزت شخصية فريدة قلبت كل القواعد رأسًا على عقب، تيموثي ديكستر، المولود عام 1747 في أسرة فقيرة، قضى طفولته في العمل منذ الثامنة من عمره، وتدرب في سن السادسة عشرة على فن الدباغة، حتى افتتح ورشته الخاصة لاحقًا، وبدا المستقبل بالنسبة له بسيطًا وفقيرًا، حتى جاء الزواج الحاسم من الأرملة الغنية إليزابيث فروثينغهام، الذي كان نقطة الانطلاق لمغامراته المالية الغريبة.
مخاطرة لا يجرؤ عليها أحد
بدلاً من الحفاظ على ثروة زوجته، انطلق ديكستر في مخاطرة اعتبرها أي خبير مالي انتحارية: شراء "الدولارات القارية" بلا أي قيمة حقيقية، تلك الأوراق النقدية التي أصدرها الكونغرس الأمريكي خلال الحرب الثورية الأمريكية لم يكن لها أي غطاء مالي، وفقدت قيمتها بسرعة، وفي ذروة الانهيار، قام ديكستر بشرائها، وهو القرار الذي بدا للجميع خطوة نحو الإفلاس الكامل.
لكن القدر كتب له مفاجأة مذهلة، في عام 1790، أعلنت الدولة استبدال تلك الأوراق بسندات حكومية بمعدل 100 إلى 1، محولة استثمار ديكستر إلى ثروة هائلة بين عشية وضحاها، فالجيران الأثرياء الذين استهزأوا بالصفقة شاهدوا ديكستر يحقق مكاسب أسطورية ربما بفعل حظه العجيب أو حدسه المالي الغريب.

صفقات غريبة تتحول إلى نجاحات باهرة
لم يقف الأمر عند ذلك الحد، فديكستر دخل عالم التجارة الدولية بمغامرات تبدو من منظور خارجي غريبة أو حتى سخيفة، حيث أرسل شحنات من دفايات الأسرة إلى جزر الهند الغربية حيث حرارة المنطقة تجعل الحاجة إليها غير منطقية، ومع ذلك، وجد السوق طريقه لمنتجاته، وحقق أرباحًا إضافية من بيع قفازات دافئة والحيوانات بما فيها الفئران، مساهماً، دون قصد، في حل مشكلة انتشار القوارض.

ترف و غرور وسلوكيات غريبة
مع تضخم ثروته، لم يقتصر اهتمام ديكستر على المال فقط، بل غرق في تجسيد مكانته الاجتماعية:
- نصب نفسه لوردا ووزع الهدايا بسخاء على كل من يناديه بذلك.
- اقتنى كلب مكسيكي أصلع نادر كرمز للتميز.
- جمع أربعين تمثالاً ملوناً لشخصيات عظيمة بما فيها تمثال ضخم لنفسه.
- ألف كتابًا بعنوان "هراء للحكماء، أو الحقيقة المجردة في ثوب خشن"، كإعلان عن رفضه للقواعد التقليدية للحكمة والنجاح.
حتى منصبه الحكومي كـ حارس غزلان كان رمزيًا، حيث قتل آخر غزال في منطقته قبل عشرين عامًا من تعيينه مما يضيف بعدًا كوميديًا وغريبًا لقصة حياته.

رحلة حياة أسطورية بين الغباء والحظ
توفي تيموثي ديكستر عام 1806، مخلفًا ثروة كبيرة وزعها بين أبنائه وزوجته وأصدقائه، تاركًا وراءه قصة حياة أقرب للخيال منها للواقع، وتطرح حياته سؤالًا محوريًا: هل كان مجرد أحمق اعتمد على حظه، أم أنه ببصيرته الخاصة فهم الزمن والفرص بطريقة مختلفة، وحول كل ما لامسه إلى ذهب؟
أثبت ديكستر أن النجاح لا يتبع دائمًا قواعد المنطق التقليدي، وأن أحيانًا الغباء المدروس والحظ المتزامن قد يكتب تاريخًا لا ينسى في عالم المال والأعمال.
