غزة الجديدة.. ما وراء وعود ترامب بـ“الإعلانات المثيرة” وخطته لإعادة تشكيل مستقبل القطاع

ترامب
ترامب

يبدو أن نهج رجل الأعمال الذي يميز شخصية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بات ينعكس بشكل واضح على تصوره لمستقبل غزة، فبعد إقرار مجلس الأمن لمشروع القرار الذي صاغته واشنطن لإنهاء الحرب، أعلن ترامب أنه يمتلك سلسلة من “الإعلانات المثيرة”، سوف يكشف عنها خلال الأسابيع المقبلة، معتبرًا أنها جزء من خطة شاملة لإعادة رسم معالم القطاع بشكل غير مسبوق.

ووفق مصادر سياسية مطلعة، فإن ترامب يتهيأ لطرح رؤية اقتصادية واستثمارية تتجاوز الطابع الإنساني التقليدي، باتجاه مشاريع كبرى تعيد بناء غزة على أسس تجارية وتنموية واسعة.

مشاريع ضخمة

كشف مصدر دبلوماسي أميركي رفيع أن الإعلانات التي يستعد ترامب لعرضها سوف تشمل مبادرات اقتصادية واسعة النطاق، في مقدمتها إنشاء مطار دولي وميناء تجاري عالمي داخل غزة.

كما تتضمن الخطة إنشاء منطقة اقتصادية حرة تستقطب شركات عالمية وعربية للعمل في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والملاحة وريادة الأعمال.

وبحسب المصدر، فإن ضخ الاستثمارات الأجنبية سوف يكون حجر الأساس لإطلاق ديناميكية إعمار جديدة، تسعى لتحويل غزة من منطقة مدمّرة إلى مركز اقتصادي مزدهر وجاذب للتجارة الدولية.

رؤية لتحويل غزة إلى نموذج تنموي عالمي

لا تقتصر الرؤية الأميركية على البنية التحتية، بل تشمل تحولًا اقتصاديًا شاملًا يجعل من غزة منطقة اقتصادية متكاملة تعتمد على الاستثمارات الخارجية.

ووفق المصدر ذاته، فإن هذه الخطط تهدف إلى تحقيق “إعمار تجاري” يقوم على تدفق رؤوس أموال ضخمة، ما يساهم في حل أزمات القطاع عبر مشروعات إنتاجية حقيقية، وليس فقط عبر المساعدات الطارئة.

كما أن جزءًا من الإعلانات يتعلق بتحديد طبيعة الشخصيات التي سوف تنضم إلى مجلس السلام الانتقالي، بينهم اقتصاديون ومستثمرون يساهمون في وضع تصور تنموي متكامل لغزة الجديدة.

مجلس السلام الانتقالي

تؤكد المصادر الدبلوماسية أن ترامب سوف يكشف عن أسماء بارزة سوف تشارك في مجلس السلام العالمي المزمع تشكيله لإدارة غزة بشكل مؤقت، مع الإشارة إلى أن بعض هذه الشخصيات “غير مطروحة أو متوقعة”، لكنها مقربة من الإدارة الأميركية.

وسوف يعمل المجلس على صياغة خطة إعادة الإعمار وفق رؤية اقتصادية كبرى، حيث يتوقع أن يتضمن مزيجًا من الشخصيات السياسية والاقتصادية الفلسطينية والأجنبية، تجمع حول هدف واحد وهو إطلاق مشروع تنموي يبني غزة من جديد.

استراتيجية جمهورية

يؤى المخطط الاستراتيجي في الحزب الجمهوري إيلي بريمر، أن مقاربة ترامب تأتي ضمن نهجه التاريخي في التعاطي مع الملفات المعقدة؛ إذ يميل إلى تقديم حلول اقتصادية طويلة الأمد، باعتبارها أكثر فاعلية من الحلول السياسية المؤقتة.

ويعتقد بريمر أن إعلانات ترامب ستطرح تصورًا مستدامًا لمستقبل غزة، يعتمد على حزمة دعم متعددة الجنسيات، تتجاوز مفهوم المساعدات التقليدية، وتؤسس لاقتصاد قابل للحياة والاستقرار.

ويرجح كذلك أن الخطة ستتضمن ترتيبات أمنية متعددة الجنسيات تهدف إلى ضمان مصالح إسرائيل ومنع تجدد الصراع.

البعد الفلسطيني

من الجانب الفلسطيني، ترى الباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد أن محور الإعلانات الأميركية يدور حول تحويل غزة إلى “سنغافورة جديدة”، ولكن بصيغة أميركية تعتمد على الابتكار والاقتصاد الحر والاستثمارات الواسعة.

وتشير حداد إلى أن أي مسار سياسي مستقبلي لن يكون سريعًا، إذ يتطلب إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة بناء مؤسساتها قبل الانتقال إلى مرحلة الدولة.

وتوقعت أن تكون هناك رؤية سياسية يعلنها ترامب بعد 2027، عقب انتهاء عمل مجلس السلام، تشمل دورًا معززًا للسلطة بعد إصلاحها.

أسماء مرشحة لإدارة غزة

تؤكد حداد أن الإدارة الأميركية تدرس إدراج شخصيات دولية لإدارة مجلس السلام، ومن المرجح أن يكون جاريد كوشنر أو ستيف ويتكوف ضمن الفريق، وذلك رغم اعتراضات عربية وفلسطينية على خيارات أخرى مثل توني بلير.

وسوف يقوم المجلس بدور حكومة تكنوقراط انتقالية، يتضمن وجودًا فلسطينيًا، لكنه سيكون خاضعًا لإشراف مباشر من واشنطن، وفق صلاحيات منحها قرار مجلس الأمن الأخير.

خطة أمنية دولية وإنهاء حكم حماس

توضح حداد أن الإعلانات “المثيرة” ستحدد شكل السلطة المؤقتة في غزة، إضافة إلى الخطوط العامة للترتيبات الأمنية، حيث من المتوقع نشر قوات حفظ استقرار دولية إلى جانب وحدات أمنية فلسطينية.

وترى الباحثة أن غزة أصبحت جزءًا من منظومة أمنية إقليمية جديدة، تقوم على مفهوم “السلام الاقتصادي”، وتشمل ترتيبات تهدف إلى إنهاء حكم حماس ونزع سلاحها ومنع بروز تنظيمات مشابهة في المنطقة.

كما تشير إلى أن هذه الرؤية الأميركية قد تمتد مستقبلاً إلى مناطق أخرى مثل جنوب لبنان، في إطار إعادة هيكلة الأمن الإقليمي.

إرم نيوز