بطولة "الأمل" تجمع لاعبي البتر وتمنح الرياضة معنى جديداً

فريق كرة القدم للبتر
فريق كرة القدم للبتر

غزة/ البوابة 24- رائد كحيل:

في غزة، حيث الحرب تترك ندوبها العميقة على كل تفاصيل الحياة، يخرج الأمل هذه المرة من ملعب صغير تحوّل إلى مساحة للقدرة والإصرار. هنا، يجتمع عشرات اللاعبين الذين فقدوا أطرافهم، لكنهم لم يفقدوا شغفهم بكرة القدم ولا رغبتهم في استعادة جزء من حياتهم التي مزقتها القذائف. بطولة "الأمل"، التي نظمتها جمعية فلسطين لكرة القدم للبتر بالتعاون مع جمعية دينيز دينري التركية، جاءت لتعيد الروح إلى الملاعب، وتثبت أن الرياضة يمكن أن تكون طريقاً للشفاء النفسي والاجتماعي، حتى في أشد الظروف قسوة.

الأمل يخرج من قلب غزة

المدير الفني للبطولة، شادي أبو عرمانة، يصف الحدث بأنه أكثر من مجرد مباريات. بالنسبة له، هي رسالة واضحة بأن لاعبي البتر ليسوا على هامش المشهد الرياضي الفلسطيني، بل جزء أصيل منه. يقول إنهم يملكون مهارات وإصراراً يجعلهم قادرين على المنافسة، وإن هذه البطولة خطوة ضرورية نحو دمجهم في بطولات محلية وخارجية.

كرة1.JPG
 

مشاركة واسعة من الشباب والأطفال

الفعاليات ضمت أكثر من خمسين لاعباً من فئتي الشباب والكبار، إضافة إلى مجموعة من الأطفال من كلا الجنسين الذين قُدمت لهم برامج تدريبية خفيفة بهدف التشجيع والدعم النفسي. مشهد الأطفال وهم يركضون بأطراف صناعية أو عكازات رياضية كان كافياً ليجعل الجمهور يدرك أن الرياضة يمكن أن تعيد للإنسان قدرته على الابتسام بعد فقدان الكثير.

على مدار عدة أيام، تنافست الفرق بروح عالية. الملاعب، رغم بساطتها، امتلأت بصيحات التشجيع، وحمل كل هدف يسجَّل معنىً يتجاوز النقاط. ومع اقتراب لحظة التتويج، ينتظر اللاعبون إعلان الفائزين. سيتم منح الفريق الفائز كأس البطولة، إلى جانب جوائز فردية لأفضل الحراس والمهاجمين، بالإضافة إلى جوائز تقديرية للمشاركين الذين قدموا أداءً ملحوظاً أو أظهروا روحاً رياضية قوية.

لكن الجوائز، كما يقول المنظمون، ليست الهدف الأساسي. القيمة الحقيقية تكمن في الاعتراف العلني بقدرة هؤلاء الرياضيين على تجاوز الألم وتحدي الإعاقة، وفي تقديم نموذج ملهم للمجتمع بأكمله.

كرة5.JPG
 

التحدي والاصرار

من بين اللاعبين، يبرز اسم عليان أبو صبرة، الذي فقد جزءاً من ساقه إثر إصابة تعرض لها عام 2012. رغم ذلك، لم يتوقف يوماً عن اللعب. يقول: "رغم الحرب والدمار لا زلنا نلعب كرة القدم لأنها مصدر سعادة وثقة. طموحنا أن نشارك في بطولات خارجية لتمثيل فلسطين، وأن نصل يوماً إلى كأس العالم." حديث عليان لا يروي تجربته فقط، بل يلخص التجربة الجماعية لكل لاعب يصرّ على أن تكون الرياضة مساحة للحياة، لا للحزن.

هذه البطولة لا تقتصر على الجانب الرياضي فقط، بل تحمل بعداً مجتمعياً مهماً. فهي توفر منصة للدعم النفسي، وتساهم في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في النشاطات العامة، وتكسر الصورة النمطية عن محدودية قدراتهم. كما أنها تفتح نقاشاً حول ضرورة توفير بنية تحتية مناسبة لرياضة البتر في غزة، سواء من حيث الملاعب أو المعدات أو الدعم الفني، وهي احتياجات تتضاعف في ظل ظروف الحرب وانهيار المؤسسات الرياضية.

كرة7.JPG
 

 

كرة.JPG
 

البوابة 24