كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل تسعى خلال المرحلة الحالية إلى فرض صيغة مشابهة لما يعرف بـ“النموذج اللبناني” في قطاع غزة، في إشارة إلى الآلية التي اعتمدتها على الحدود مع لبنان عبر الردع العسكري والرقابة الأمنية طويلة المدى.
لكن الصحيفة تؤكد أن الواقع الميداني في غزة أكثر تعقيداً بكثير، خصوصاً مع استمرار حالة عدم الاستقرار ومع غياب أي مؤشرات من جانب حركة حماس بشأن مصير جثامين ثلاثة من الأسرى الإسرائيليين، الأمر الذي تعتبره تل أبيب دليلاً على عدم تعاون الحركة أو عدم بذلها الجهد الكافي للكشف عن موقع الجثث.
ويأتي هذا التوجه الإسرائيلي في وقت تطالب فيه الإدارة الأميركية بسرعة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما ترفض إسرائيل تنفيذ هذه الخطوة قبل الحصول على ضمانات أمنية ملموسة.
سياسة الرد السريع
وبحسب يديعوت، اعتمدت إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة سياسة هجومية تقوم على الرد العسكري الفوري على أي خرق للتهدئة، سواء كان تجاوزاً لـ“الخط الأصفر” أو إطلاق نار على القوات المنتشرة داخل القطاع.
ونفّذ الجيش سلسلة غارات اعتبرت الأكثر شمولاً منذ بدء وقف النار، استهدفت مواقع متعددة في غزة، وأسفرت عن اغتيال أبو عبدالله الحديدي، أحد أبرز قادة الجناح العسكري لحماس والمسؤول عن منظومة التسلح.
كما أعلن الجيش قتل أو اعتقال 17 مسلحاً خرجوا من الأنفاق في محيط رفح خلال الساعات الأخيرة، مؤكداً أن هذه العمليات تهدف إلى منع الحركة من إعادة تجميع قوتها أو استعادة قدراتها السابقة.
المرحلة الثانية من الاتفاق
وتوضح الصحيفة أن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار تتضمن سلسلة خطوات تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية لسكان غزة، وأبرزها:
- إعادة فتح معبر رفح بشكل أوسع.
- زيادة دخول المساعدات الإنسانية.
- تسهيل حركة السكان داخل القطاع.
- إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في حال تكليف جهة محددة بإدارة المناطق المدنية.
وتستعد تل أبيب لمواجهة ضغوط متزايدة مع اقتراب وصول قوة الاستقرار الدولية التي وافق عليها مجلس الأمن، والمتوقع بدء انتشارها خلال أسابيع بعد خضوع عناصرها للتدريب.
قوة دولية بملامح عربية
وتشير يديعوت إلى أن القوة الدولية المزمع تشكيلها ستكون مكوّنة في معظمها من جنود عرب ومسلمين، وذلك لتجنب إرسال قوات غربية قد تُثير حساسيات سياسية أو تعتبر “قوة احتلال” في نظر سكان القطاع، مما يجعلها هدفاً محتملاً لهجمات الفصائل المسلحة.
لكن عدداً من الدول العربية لا يزال متردداً في المشاركة، خوفاً من الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع حماس التي ترفض بشكل قاطع فكرة نزع سلاحها.
وفي اجتماع للكابينت السياسي–الأمني، قدم المسؤولون تقديراً مفصلاً يؤكد أن حماس لن تتخلى عن سلاحها طوعاً، وأن فشل الولايات المتحدة في تحقيق هذا الهدف سيدفع إسرائيل إلى “تنفيذه بيدها”.
سباق مع الزمن قبل دخول القوات الأجنبية
وترى الصحيفة أن إسرائيل تعمل حالياً على تثبيت وقائع ميدانية قبل وصول القوة الدولية، لأن وجود قوات أجنبية على الأرض سيجعل أي عمليات عسكرية إسرائيلية لاحقة أكثر حساسية وتعقيداً، بسبب خشية تل أبيب من وقوع إصابات في صفوف تلك القوات.
ورغم التصعيد الواضح خلال الأيام الأخيرة، تؤكد التقديرات الإسرائيلية أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال قائماً، وإن كان هشاً، وأنه لا توجد مصلحة لأي من الطرفين – لا إسرائيل ولا حماس – في انهياره في المرحلة الحالية.
