مع إعلان الجيش الإسرائيلي يوم الأحد استهداف المبنى الذي يعتقد أنه يضم القيادي البارز في حزب الله، هيثم علي طبطبائي، في حي حارة حريك الذي يشكل المربع الأمني للحزب، عاد اسمه بقوة إلى الواجهة بوصفه أحد آخر الشخصيات المؤثرة في البنية العسكرية، والرجل الذي شكل حضوره ثقلاً نوعياً في العمليات الإقليمية على مدى السنوات الماضية.
قائد ظل أثقلته الملفات الإقليمية
والجدير بالإشارة أن طبطبائي، المعروف بكنيته "أبو علي طبطبائي"، يعتبر من أبرز القادة الذين لعبوا دوراً محورياً في توسع نشاط حزب الله خارج لبنان، ويلقب إعلامياً بـ"الرجل الثاني" في هرم القيادة العسكرية للحزب.
ووفقًا لما ذكرته وزارة الخارجية الأميركية، فقد تولى قيادة قوات النخبة، وشارك بشكل مباشر في إدارة عمليات الحزب داخل سوريا خلال سنوات الحرب، إلى جانب إشرافه على عناصر من القوات الخاصة التي عملت في اليمن ضمن ما تعتبره واشنطن دوراً نشطاً للحزب في دعم "أنشطة مزعزعة للاستقرار" عبر التدريب وتوفير العتاد والخبرات.
هذا النشاط الواسع جعل طبطبائي هدفاً رئيسياً للولايات المتحدة، إذ خصص برنامج "مكافآت من أجل العدالة" مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى تحديد مكانه أو إيقافه.
ملاحقة دولية وتضييق مالي
في 26 أكتوبر 2016، صنفته وزارة الخارجية الأميركية على لائحة "الإرهابيين العالميين المخصصين" بموجب الأمر التنفيذي 13224، ما أدى إلى تجميد ممتلكاته داخل الولايات المتحدة ومنع أي تعامل مالي معه.
كما يحظر القانون الأميركي تقديم الدعم لحزب الله، المصنف كمنظمة إرهابية أجنبية، ويعد ذلك جريمة فيدرالية بموجب التشريعات الأميركية.
ثقل استثنائي داخل البنية العسكرية
وفي السياق ذاته، ازدادت أهمية طبطبائي داخل حزب الله خلال عامي 2024 و2025 بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت الصف الأول من القيادة، بما في ذلك حسن نصر الله، وهاشم صفي الدين، وفؤاد شكر، وعدد من قادة قوة الرضوان ومسؤولي الجبهة الجنوبية.
وبات ينظر إليه كواحد من القادة القلائل الذين ما زالوا يمتلكون معرفة تفصيلية ببنية القوة العسكرية للحزب وملفاته الإقليمية، ما جعله حلقة مفصلية داخل الهيكل العسكري المتبقي.
مصير غامض وسباق استخباراتي مستمر
والجدير بالإشارة أن مصير طبطبائي لا يزال مجهولاً حتى اللحظة، لكن المؤكد أن شبكته العسكرية وخبراته الميدانية تجعله إحدى آخر "العُقد الصلبة" في البنية القتالية لحزب الله.
أما استهدافه — سواء تحقق فعلياً أو لم يتحقق — فيعكس استمرار السباق الاستخباراتي لتفكيك ما تبقى من القيادة العسكرية للحزب، في ظل تصاعد المواجهة بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان.
