كشف المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين، في كتابه الجديد "بالأحابيل تصنع لك حرباً"، الصادر حديثاً، أنه هو صاحب خطة تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة خلال الحرب الحالية، مؤكداً أن فكرته لم تكن تهدف إلى تهجير دائم، بل إلى ما وصفه بـ"الترحيل المؤقت".
تهجير مليون ونصف فلسطيني
وأوضح "كوهين"، أنه كان وراء خطة ترحيل نحو مليون ونصف المليون فلسطيني من غزة إلى سيناء المصرية، كرد مباشر على هجوم حركة "حماس" في 7 أكتوبر 2023. ويقول إن خطته كانت تعتمد على "هجرة مؤقتة"، وأن الكابنيت الإسرائيلي وافق عليها، ووافق كذلك على تكليفه بإقناع دول عربية بها بحجة أنها ستساهم في تقليل عدد الضحايا المدنيين.
وأضاف "كوهين"، أنه بالفعل زار عدة عواصم عربية، لكنه لمس قلقاً واضحاً من تحول الترحيل المؤقت إلى تهجير دائم.
كما أكد "كوهين"، أنه حاول طمأنتهم بجلب ضمانات دولية حول مؤقتية الخطة، مشيراً إلى أنه تواصل مع الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان والصين والهند، بينما كان الموقف الحاسم من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي رفض الخطة بشكل كامل.
وعلى إثر ذلك، طرحت فكرة تعيين كوهين لرئاسة فريق التفاوض بشأن صفقة تبادل الأسرى، إلا أن قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل أحبطوا الاقتراح.
غرور الدعاية الإسرائيلية
وفي السياق ذاته، ردد "كوهين"، في كتابه دعوته للقادة الإسرائيليين إلى التحلي بالتواضع، لكنه يعيد ارتكاب الأخطاء نفسها عبر إظهار استغرابه من التضامن العالمي مع غزة، ومن انتشار الصور والفيديوهات التي توثق الدمار والضحايا.
وبدلاً من انتقاد الجرائم التي ارتكبت ضد سكان القطاع والتي حصدت أرواح عشرات الآلاف، يرى "كوهين"، أن المشكلة تكمن في ضعف الدعاية الإسرائيلية، معتبراً أن الحكومة لا تبذل جهداً كافياً لتسويق روايتها، ويتغافل عن النفوذ الكبير للوبي الإسرائيلي عالمياً، ويتجاهل أيضاً انضمام عدد كبير من اليهود إلى الاحتجاجات المنددة بسلوك إسرائيل.
اتهامات لحماس
واعتبر "كوهين"، أن القادة الإسرائيليين باتوا بعيدين عن شعبهم ويفتقرون للتعاطف، مما يجعلهم عاجزين عن تقديم صورة حقيقية لمعاناة الإسرائيليين للعالم. ويرى أن هذا الفراغ يسمح، وفق قوله، لـ"حماس" بالتأثير على الرأي العام العالمي.
ولفت "كوهين"، إلى أن العالم طالب إسرائيل بوقف الحرب رغم "الأعمال الوحشية" التي يزعم أن مقاتلي "حماس" ارتكبوها في بلدات غلاف غزة، مثل الاغتصاب والتمثيل بالجثث وإحراق الأطفال خلال عملية "طوفان الأقصى"، وهي اتهامات تنفيها الحركة.
كما استشهد "كوهين"، بتصريحات خالد مشعل، القيادي في "حماس"، التي يرفض فيها حل الدولتين، ليقول إنه لا يمكن صنع السلام مع من ينكر حق إسرائيل في الوجود، متجاهلاً أن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بإسرائيل وتطالب بدولة على 22% من الأرض، رغم تعرضها للتضييق الإسرائيلي.
شبكة استخبارات عالمية
وأكد "كوهين"، أن "الموساد" يراقب التطورات في كل منطقة تمس إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر، بما في ذلك إيران ولبنان وسوريا والعراق واليمن والتنظيمات المسلحة.
وفي سياق متصل، أشار "كوهين"، إلى اهتمامه الشخصي بأزمة المناخ باعتبارها خطراً يهدد البشرية جمعاء، مؤكداً أنه ما زال مهتماً بها بعد مغادرته منصبه.
ويعتبر التعاون الدولي في مجال الاستخبارات أهم مشاريع الموساد، ويروي كيف طور علاقاته مع أجهزة مخابرات العالم، ويذكر أنه تلقى إنذاراً حول هجمات "داعش" في بلجيكا عام 2016، لكنه وصل متأخراً، ومع ذلك تواصل مع نظيره البلجيكي وقدّم معلومات ساعدت في التحقيق.
كما يكشف أنه أبلغ أستراليا في العام ذاته بخطة لتفجير طائرة مدنية في خط أبوظبي-سيدني، وتم منع العملية وكشف الخلية.
ويعدد دولاً "مدينة للموساد" بالكشف عن خلايا إرهابية، مستشهداً بتصريحات مسؤولين في أجهزة مخابرات ألمانية وبريطانية وفرنسية تحدثوا عن فضل المعلومات الإسرائيلية في إحباط عمليات إرهابية.
تعاون رغم القطيعة
ونوه "كوهين"، إلى أن تركيا كانت واحدة من الدول التي تلقت معلومات حساسة من الموساد، رغم العلاقات السياسية المتوترة، مشيرًا إلى إنه في صيف 2018 ساعدت إسرائيل تركيا في كشف خلايا إرهابية نفذت 16 هجوماً، مؤكداً أن رئيس الاستخبارات التركية حينها كان هاكان فيدان الذي يشغل حالياً منصب وزير الخارجية.
كما أوضح ما يرويه "كوهين" عن الدعاية الإسرائيلية، والتعاون الاستخباراتي، وحرب غزة، يعكس نصه صورة صراع مفتوح يشمل السياسة والإعلام والميدان، ويكشف في الوقت ذاته حجم التناقضات في رؤية قادة الأمن الإسرائيليين لما يحدث داخل إسرائيل وخارجها.
