قرار 2803: وصاية على غزة وتكريس الهيمنة الإسرائيلية… أخطر من صفقة القرن
إعداد: المحامي علي أبو حبلة
رغم صمود الشعب الفلسطيني المستمر، يطرح قرار مجلس الأمن رقم 2803 علامات استفهام حول المكاسب الحقيقية للقضية الوطنية، ويعدّ الكثيرون أنه أخطر من صفقة القرن السابقة، إذ يمهد لصيغة جديدة من الهيمنة على غزة، ويترك الضفة الغربية والقدس تحت سيطرة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي دون أي التزام فعلي من الاحتلال بوقف الضم أو التهويد. القرار 2803: تفريغ للشرعية الدولية وصياغة واقع جديد لغزة يُظهر القرار غموضًا كبيرًا بشأن إدارة غزة، وهو ما قد يتحول إلى وصاية دولية طويلة الأمد، تُبعد الإرادة الفلسطينية عن أي قرار سياسي. بالمقابل، تجاهل القرار الضفة الغربية والقدس، ما يكرس مشاريع الاحتلال الاستيطانية والتهويدية، ويضعف مكانة الشرعية الدولية التي أكدت عليها قرارات مجلس الأمن السابقة، مثل 242 (1967) و338 (1973) و2334 (2016)، بالإضافة إلى الالتزامات بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (1949) لحماية المدنيين ومنع التهجير القسري. هذا الواقع يجعل القرار أكثر خطورة من صفقة القرن التي طرحتها إدارة ترامب، إذ لم يكن في صفقة القرن هذه الوصاية المباشرة على غزة، بينما يفتح القرار الحالي الباب أمام تدخل دولي مباشر يُعيد إنتاج السيطرة الإسرائيلية بغطاء عالمي. صفقة القرن ومشروع الهيمنة تتقاطع مصالح القرار 2803 مع أهداف صفقة القرن، حيث يُنظر إليها كأداة لإضفاء شرعية دولية على التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وتمكين مشاريع الهيمنة والسيطرة. في هذا السياق، يظهر دور قادة سابقين مثل ترامب وتوني بلير في تعزيز استدامة هذه المشاريع، بما يجعل القرار حلقة جديدة ضمن سلسلة من الإجراءات الدولية التي تهدف إلى إدامة الهيمنة الإسرائيلية وتفكيك الواقع الفلسطيني السياسي والاجتماعي. المشهد الفلسطيني الداخلي: أزمة الثقة والقدرة على الرد يواجه الفلسطينيون تحديات داخلية مركبة: الانقسام المستمر بين الفصائل الفلسطينية. غياب رؤية وطنية موحدة واستراتيجية واضحة. ضعف مؤسسات الحكم وتراجع الحوكمة والقدرة على حماية الحقوق. أزمات اقتصادية واجتماعية تهدد الصمود الوطني. هذه التحديات تجعل أي قرار دولي مفتوح الصياغة، مثل 2803، معرضًا للاستغلال من قبل الاحتلال، بما يقلص فرص تحقيق أهداف المشروع الوطني ويزيد من الإحباط الشعبي. مكاسب غير واضحة وأسئلة مفتوحة يطرح القرار سلسلة من التساؤلات الاستراتيجية: 1. هل يحمي غزة من وصاية طويلة الأمد؟ 2. هل يضع حدًا للمستوطنات والضم في الضفة والقدس؟ 3. هل يعيد الاعتبار لمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني؟ 4. هل يشكل خطوة حقيقية نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؟ حتى اللحظة، لا توجد إجابات واضحة، مما يجعل القرار محل قلق ويدعو إلى مراجعة استراتيجية شاملة. استراتيجية فلسطينية لمواجهة التحديات لمواجهة مخاطر القرار 2803، يصبح من الضروري: توحيد الجبهة الداخلية وتعزيز الشراكة الوطنية. التمسك بالشرعية الدولية كأساس لأي مسار سياسي، والتمسك بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة. تفعيل أدوات القانون الدولي أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. تعزيز الصمود الاقتصادي والاجتماعي لمواجهة الضغوط والتهديدات. وضع رؤية وطنية شاملة تحمي حقوق الفلسطينيين وتمنع إعادة إنتاج السيطرة الإسرائيلية تحت أي غطاء دولي. خاتمة يمثل قرار 2803 اختبارًا حقيقيًا للقدرة الفلسطينية على حماية مصالحها الوطنية في ظل واقع دولي وإقليمي معقد. فهو ليس مجرد إجراء سياسي أو قانوني، بل خطوة قد تكون أخطر من صفقة القرن نفسها، إذ يُعيد إنتاج إدارة الصراع ويكرّس الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. ومع ذلك، يظل الفلسطينيون—كما أثبت التاريخ—الطرف الأكثر قدرة على تحويل اللحظة الحرجة إلى فرصة لإعادة ترتيب البيت الداخلي وصياغة استراتيجية وطنية واضحة تحمي الحقوق الوطنية وتضع المشروع الفلسطيني على المسار الصحيح.
