تشهد جبهة جنوب قطاع غزة تطورًا بالغ الخطورة، حيث تخوض إسرائيل معركة سرية ومعقّدة ضد مقاتلي حركة حماس المتحصنين داخل شبكة الأنفاق أسفل مدينة رفح، وهذه المرة، لا تعتمد تل أبيب على القصف المباشر فقط، بل تلجأ إلى أسلوب جديد يقوم على إغراق الأنفاق بالمياه، في محاولة لإجبار المقاتلين على الخروج من مخابئهم، وسط عجز مستمر عن رسم خريطة دقيقة لهذا العالم الجوفي شديد التعقيد.
الهدنة تعمق المأزق داخل الأنفاق
الهدنة التي جرى التوصل إليها بوساطة أمريكية في أكتوبر الماضي تركت تداعيات غير متوقعة، إذ وجد عشرات من عناصر حماس أنفسهم معزولين داخل الأنفاق، بعيدًا عن مناطق السيطرة المباشرة للحركة، وعلى الجانب الآخر من خطوط التماس، وبمرور الوقت، تحولت هذه الأنفاق من ملاذ آمن إلى مصيدة خانقة، مع تقلّص فرص الإمداد والدعم.
حصار طويل وخيارات قاتلة
لأكثر من عام، استمر عدد من مقاتلي حماس في التحصن داخل مواقع قتالية أسفل جنوب القطاع، غير أن الضغط العسكري المتواصل جعل المساحات تضيق بهم حرفيًا، ووفق تقديرات ميدانية، بات هؤلاء أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما البقاء داخل الأنفاق في ظل نقص حاد في الغذاء والمياه، أو الخروج إلى السطح لمواجهة مصير يُرجّح أن يكون قاتلًا.
نقص الإمدادات يهدد البقاء
مصادر استخباراتية إسرائيلية كشفت أن المقاتلين المحاصرين يعانون من نفاد الطعام بشكل شبه كامل، فيما أصبحت مصادر المياه شحيحة إلى حد خطير، وهذا الوضع الإنساني القاسي يستخدم، بحسب الرواية الإسرائيلية، كأداة ضغط إضافية لدفع العناصر المسلحة إلى الاستسلام أو كشف مواقعهم.
معضلة الخرائط الجوفية
يعترف مسؤولون عسكريون إسرائيليون بأن السيطرة الكاملة على سطح مدينة رفح لم تترجم إلى تفوق تحت الأرض، فرسم خريطة دقيقة لشبكة الأنفاق لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا، نظرًا لتشعّبها وامتدادها على أعماق مختلفة، ما يمنح مقاتلي حماس قدرة على المناورة والاختباء رغم شدة العمليات.
تكتيك تقطيع الأوصال
تعتمد الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية على فصل أجزاء شبكة الأنفاق عن بعضها البعض، وخصوصًا في المناطق الواقعة غرب رفح ومحيط خان يونس، ويتم تجاهل بعض الجيوب الجوفية التي لا تحمل أهمية استراتيجية أو لا يُعتقد بوجود رهائن داخلها، بهدف ترك مجموعات من المقاتلين معزولة دون دعم أو إمداد.
أرقام متضاربة حول أعداد المقاتلين
تقدّر إسرائيل أن عدد عناصر حماس الذين كانوا داخل الأنفاق عند بدء الهدنة يتراوح بين 100 و200 مقاتل، في حين تعلن الحركة أن العدد لا يتجاوز 60 إلى 80 عنصرًا، ويعكس هذا التباين صعوبة التحقق من الواقع الميداني داخل شبكة أنفاق تعد من الأكثر تعقيدًا في غزة.
أنفاق رفح
تصنف أنفاق رفح بوصفها الأكثر تطورًا وتعقيدًا، إذ بدأت حماس في حفرها منذ نحو عشرين عامًا، ما منحها بنية تحتية تحت الأرض يصعب تدميرها بالكامل أو السيطرة عليها في فترة زمنية قصيرة.
