أجواء قطبية باردة وماطرة في غزة مع تعمق المنخفض.. تفاصيل

خيام النازحين
خيام النازحين

تتأثر البلاد بمنخفض جوي عميق مصحوب بكتلة هوائية باردة، ما أدى منذ صباح اليوم إلى انخفاض ملموس في درجات الحرارة وتساقط زخات غزيرة من الأمطار على معظم المناطق، ترافقها عواصف رعدية وزخات من البرد أحيانًا، فيما تهب رياح جنوبية غربية إلى غربية نشطة السرعة تصل بعض هباتها إلى نحو 50 كم/ساعة، ما جعل البحر مائجًا وارتفعت مستويات الخطورة في السواحل.

ومع ساعات المساء والليل، يزداد الجو برودة خاصة فوق المناطق الجبلية، وتستمر الأمطار الغزيرة مصحوبة بالرعد والبرد، بينما تبقى الرياح قوية تزيد من الإحساس بالبرودة.

يوم الخميس يتعمق تأثير المنخفض بشكل أكبر، فتسود أجواء باردة وماطرة وعاصفة، وتغطي الأمطار معظم المناطق بكثافة، مصحوبة بعواصف رعدية متكررة وتساقط للبرد، في حين يستمر البحر عالي الموج والرياح قوية.

أما الجمعة، فيستمر تأثير المنخفض مع ارتفاع طفيف في درجات الحرارة، لكن الأجواء تبقى باردة وماطرة وعاصفة، وتستمر الأمطار الغزيرة على مختلف المناطق.

ابتداءً من السبت يبدأ المنخفض بالانحسار تدريجيًا، فترتفع الحرارة قليلًا وتتحول الأجواء إلى غائمة جزئيًا، مع بقاء فرصة لسقوط أمطار متفرقة في بعض المناطق، فيما تهب رياح شمالية غربية معتدلة ويعود البحر إلى حالة متوسطة الارتفاع.

معاناة النازحين

تفاقمت معاناة النازحين في قطاع غزة مع الساعات الأولى من فجر الأربعاء 10 ديسمبر 2025، بعدما تسببت الأمطار الغزيرة المصاحبة لبداية المنخفض الجوي في غرق عشرات الخيام المنتشرة داخل مناطق النزوح، وحولت هذه السيول المفاجئة الخيام الهشة إلى برك من المياه، لتجد آلاف العائلات نفسها في العراء، محرومة من أبسط وسائل الحماية من برد الشتاء وأمطاره، في مشهد يعكس قسوة الظروف الإنسانية المتفاقمة.

مشاهد صادمة داخل مراكز الإيواء المؤقتة

وخلال ساعات الليل، شهدت مناطق واسعة من القطاع هطولًا كثيفًا للأمطار، مما أدى إلى تدفق المياه داخل تجمعات الخيام ومراكز الإيواء المؤقتة، وأظهرت مقاطع مصوّرة تسرب المياه إلى داخل أماكن نوم النازحين، متسببة في إتلاف الأغطية والملابس والمقتنيات القليلة التي يملكونها، وباتت هذه الخيام، التي لا توفر أصلًا سوى حماية محدودة، عاجزة تمامًا عن الصمود أمام تقلبات الطقس القاسية.

عجز حاد في حلول الإيواء

في ظل هذا الواقع، تشير التقديرات الرسمية إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى أكثر من 300 ألف خيمة ووحدات سكنية مسبقة الصنع، لتأمين الحد الأدنى من الإيواء الآمن للمتضررين، وتأتي هذه الحاجة الملحّة في وقت تعاني فيه البنية التحتية من دمار واسع جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ عامين، مما يجعل أي استجابة إنسانية أكثر تعقيدًا وصعوبة.

تحذيرات رسمية

بدوره، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من التداعيات الخطيرة للمنخفض القطبي المعروف باسم "بيرون"، مؤكدًا أنه يحمل معه كميات كبيرة من الأمطار قد تتسبب في فيضانات وسيول جارفة، كما لفت إلى توقعات بحدوث رياح عاتية قادرة على اقتلاع خيام النازحين، إلى جانب أمواج بحر مرتفعة وعواصف رعدية تزيد من خطورة الوضع القائم.

وأوضح المكتب أن هذه الأحوال الجوية القاسية تهدد حياة عشرات الآلاف من العائلات التي تعيش داخل خيام وملاجئ بدائية لا تتوافر فيها أدنى مقومات السلامة، ما يرفع من احتمالات وقوع خسائر مادية جسيمة وربما ضحايا بين صفوف المدنيين.

مشهد شديد الخطورة

من جانبه، أطلق المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، تحذيرات شديدة اللهجة من مخاطر وصفها بـ "غير المسبوقة" مع تعمّق تأثير المنخفض الجوي، وأكد أن القطاع يواجه ظروفًا بالغة القسوة، في ظل بيئة مدمّرة أنهكتها الحرب وأدت إلى انهيار واسع في القطاعات الخدمية والقدرات الإنقاذية.

وأشار بصل إلى أن مخيمات الإيواء والمراكز المؤقتة، إلى جانب المباني المتصدعة والآيلة للسقوط، باتت مهددة بانهيارات قد تسفر عن سقوط ضحايا، وأضاف أن المخيمات المقامة في مناطق منخفضة تواجه خطر الغرق الكامل، لعدم وجود شبكات تصريف أو قدرة على استيعاب كميات الأمطار المتوقعة.

الحرب تعود بأشكال جديدة

وحذر المتحدث من أن قطاع غزة قد يشهد غرقًا واسع النطاق نتيجة غزارة الأمطار وتدمير البنية التحتية، معتبرًا أن الحرب التي خفت حدتها ميدانيًا، تعود اليوم عبر البرد القارس والسيول والانهيارات، في إشارة إلى استمرار التهديدات التي تطارد حياة النازحين حتى في لحظات الهدوء النسبي.

نداء عاجل للمجتمع الدولي

وفي ختام تصريحاته، دعا محمود بصل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى تحرك فوري وعاجل، عبر إدخال كرفانات مجهزة وبنى إيواء أكثر أمانًا إلى قطاع غزة، كما شدد على ضرورة توفير بنية تحتية مناسبة تضمن الحد الأدنى من الأمان والحماية للنازحين، في مواجهة شتاء قاسٍ وظروف جوية تهدد حياتهم بشكل يومي.

وكالات