كشفت تقديرات صادرة عن مصادر أمنية إسرائيلية أن حركة حماس تتعمد إرجاء تسليم جثمان ران جويلي، آخر رهينة إسرائيلي، في خطوة محسوبة تهدف إلى إطالة أمد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووفق هذه الرؤية، فإن الحركة تسعى لاستثمار الوقت المتاح لتعزيز حضورها الميداني وتثبيت أركان حكمها داخل القطاع.
نهاية المرحلة الأولى
وبحسب ما نقله الإعلام العبري عن تلك المصادر، فإن تسليم الجثمان يمثل النقطة الفاصلة بين المرحلتين الأولى والثانية من الاتفاق، فالمرحلة التالية تتضمن، وفق التصورات المطروحة، إجراءات أكثر حساسية بالنسبة لحماس أبرزها نزع سلاحها والدخول في ترتيبات تتعلق بتسليم السلطة، وهو ما يفسر – من وجهة النظر الإسرائيلية – عدم استعجال الحركة لهذه الخطوة.
وأكدت المصادر أن حماس تدرك بدقة مكان وجود الجثمان، لكنها تفضل الإبقاء على هذا الملف معلقًا، باعتباره ورقة ضغط سياسية وأمنية تتيح لها المناورة وتأخير الانتقال إلى مرحلة ترى فيها تهديدًا مباشرًا لمستقبل نفوذها في غزة.
دعوات إسرائيلية للضغط
في ضوء هذا المشهد، ترى الدوائر الأمنية الإسرائيلية أن على تل أبيب دراسة تفعيل أدوات ضغط متعددة لدفع حماس إلى تسليم الجثمان الأخير والمضي قدمًا نحو تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، وتتنوع هذه الأدوات – وفق التقديرات – بين تشديد القيود على دخول البضائع إلى القطاع، أو اللجوء إلى رسائل عسكرية غير مباشرة عبر تنفيذ مناورات برية إضافية.
وتأتي هذه الطروحات رغم الضغوط الأمريكية التي تدفع باتجاه بدء المرحلة الثانية من الاتفاق حتى قبل حسم ملف الجثمان، في محاولة لمنع انهيار التفاهمات الهشة القائمة.
قوات دولية على الورق فقط
وتنص التفاهمات المبدئية للمرحلة الثانية على وصول قوة متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة للمساعدة في نزع سلاح حماس وضبط الوضع الأمني، غير أن المصادر الأمنية الإسرائيلية تقلل من واقعية هذا السيناريو، مشيرة إلى أن هذه الخطة لا تزال حبيسة الطروحات النظرية، في ظل غياب أي التزام فعلي من الدول المعنية بإرسال قواتها إلى القطاع.
تدفق البضائع وتحويل الفائض إلى موارد مالية
وتزعم مصادر أمنية أن حماس حققت مكاسب اقتصادية واضحة خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، مستفيدة من دخول كميات من البضائع تفوق الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، ووفق هذه التقديرات، يتم توجيه الفائض وتحويله إلى مصدر دخل يعزز من قدرات الحركة المالية والتنظيمية.
وأكد أحد هذه المصادر أن المرحلة الأولى، بصيغتها الحالية، تصب في مصلحة حماس بشكل مباشر، لأنها تتيح لها إعادة ترتيب أوضاعها الاقتصادية دون أن تدفع ثمنًا سياسيًا أو أمنيًا فوريًا.
سيطرة ميدانية كاملة
وفي سياق متصل، حذر مصدر أمني إسرائيلي من أن المناطق التي لا يوجد فيها انتشار فعلي للجيش الإسرائيلي تشهد سيطرة شبه مطلقة لحماس، وهذه السيطرة، بحسب التقديرات، تعزز من قدرة الحركة على فرض الأمن وفق رؤيتها الخاصة، وتشكل عامل ردع لأي أطراف معارضة داخل القطاع.
إعادة بناء المؤسسات
وأشارت التقديرات الأمنية إلى أن حماس تنفذ عملية "إعادة تأهيل شاملة" على عدة مستويات، تشمل ترميم مرافق حيوية، مثل المستشفيات الفلسطينية وعلى رأسها مستشفى الشفاء، إلى جانب إعادة تشغيل المحاكم الشرعية والعسكرية، وترى هذه الجهات أن تلك الخطوات تساهم في إعادة الحركة إلى نمط إدارة أقرب إلى الوضع الطبيعي الذي كان قائمًا قبل الحرب.
القبضة الأمنية وإخماد أي معارضة محتملة
وفيما يتعلق بالميليشيات أو القوى التي قد تشكل تحديًا لسلطة حماس، تؤكد المصادر أن الحركة تفرض سيطرة صارمة على الشارع الفلسطيني داخل غزة، مستخدمة أدوات أمنية مشددة لا تترك مجالًا للاحتجاج أو العصيان.
ويستثنى من ذلك بعض المناطق الطرفية، حيث تنشط مجموعات معادية لحماس، إلا أن نشاطها يظل محصورًا في المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية أو القريبة من حدود ما يعرف بـ"الخط الأصفر".
