كشفت مصادر دبلوماسية غربية عن تفاصيل جديدة تتعلق بمسار تشكيل قوة دولية يرتقب نشرها في قطاع غزة، وذلك عقب اجتماع عقد في العاصمة القطرية الدوحة، خصص بشكل أساسي لبحث آليات الإطلاق والتشكيل والانتشار، والاجتماع، الذي انعقد الثلاثاء الماضي، شهد نقاشات معمقة حول الإطار السياسي والأمني للقوة المقترحة، في ظل تعقيدات المشهد الميداني وتداخل المصالح الإقليمية والدولية.
وبحسب ما تم تداوله، طرح ممثلو الاتحاد الأوروبي مقترحًا يقوم على توسيع برامج تدريب الشرطة الفلسطينية، على أن تكون هذه البرامج تمهيدًا لدمج عناصر الشرطة ضمن التشكيل العام للقوة الدولية، بما يضمن حضورًا فلسطينيًا مؤسسيًا داخل المنظومة الأمنية الجديدة، ويمنحها غطاءً وظيفيًا يتجاوز الطابع العسكري الصرف.
دول مرشحة للمشاركة
وأفادت المصادر بأن عددًا من الدول أبدى استعدادًا مبدئيًا للمشاركة بقوات ضمن الإطار الدولي المقترح، في خطوة تعكس رغبة دولية في الانخراط المباشر بترتيبات ما بعد الحرب، ومن بين الدول التي طُرحت أسماؤها: إندونيسيا، أذربيجان، باكستان، وبنغلادش، وهي دول تمتلك خبرات سابقة في بعثات حفظ السلام والمهمات متعددة الجنسيات.
ويعكس هذا الاستعداد، وإن كان في مراحله الأولى، توجهًا نحو بناء قوة ذات طابع متنوع جغرافيًا وسياسيًا، بما يقلل من حساسيات الانحياز ويمنح التشكيل الدولي قدرًا أكبر من القبول.
غياب تركيا لا يلغي حضورها المحتمل
وفي سياق متصل، أشارت المعلومات إلى أن تركيا لم تكن ضمن الدول المدعوة إلى اجتماع الدوحة، إلا أن ذلك لا يعني استبعادها من المشهد بشكل نهائي. فبحسب التقديرات، يظل احتمال انضمام أنقرة قائمًا في مراحل لاحقة، سواء عبر إرسال قوات أو المشاركة في أطر الدعم اللوجستي والتدريبي، خاصة في حال التوصل إلى توافقات سياسية أوسع.
الإعلان المرتقب
وتقدر المصادر الدبلوماسية أن يتم الإعلان الرسمي عن تشكيل القوة الدولية خلال أسابيع قليلة، على أن تبدأ المرحلة الأولى من التدريبات في إحدى دول المنطقة، قبل الانتقال إلى مرحلة الانتشار الميداني.
ووفق المعطيات المتداولة، من المتوقع أن يكون الانتشار الأولي في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، وتحديدًا داخل ما يُعرف بـ“الخط الأصفر”، وهي منطقة تخضع حاليًا لسيطرة الجيش الإسرائيلي، واختيار رفح كنقطة بداية يحمل دلالات أمنية وسياسية، باعتبارها بوابة استراتيجية للقطاع ومفصلًا حساسًا في أي ترتيبات مستقبلية.
تفاؤل أميركي بالانتقال إلى المرحلة الثانية
في موازاة ذلك، أفادت معلومات صادرة عن مقر الإدارة الأميركية في كريات غات بوجود أجواء تفاؤل حذر حيال إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة خلال الفترة القريبة المقبلة، وهذا التفاؤل يرتبط بتقدّم الاتصالات السياسية، وتزايد القناعة بضرورة الانتقال من إدارة الصراع إلى ترتيبات الاستقرار طويل الأمد.
الدوحة تتحرك للمرحلة التالية
على صعيد متصل، أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أن تحضيرات جارية لعقد اجتماع جديد يضم الوسطاء الدوليين، بهدف وضع تصور واضح لكيفية الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وذلك ضمن الإطار العام للخطة التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأكد المسؤول القطري الحاجة العاجلة لتفعيل المرحلة الثانية من الاتفاق، مشيرًا إلى توافق مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على مضاعفة الجهود السياسية والدبلوماسية، لاستكمال العناصر العالقة في الاتفاق، والتي لا يزال تنفيذها ناقصًا حتى الآن.
موقف قطري حاسم
وشددت الدوحة على رفضها القاطع لاستخدام أي قوة دولية أو إقليمية في قطاع غزة بما يخدم طرفًا على حساب آخر، وأكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن أن أي وجود دولي يجب أن يكون محايدًا بالكامل، وأن يتركز دوره على حماية المدنيين، وضمان تثبيت اتفاق إنهاء الحرب، لا أن يتحول إلى أداة ضغط أو نفوذ سياسي.
هذا الموقف يعكس رؤية قطرية تقوم على أن الاستقرار الحقيقي في غزة لا يمكن فرضه بالقوة، بل يجب أن يُبنى على توازن سياسي، وضمانات أمنية عادلة، وإطار دولي يحظى بثقة جميع الأطراف.
