تحول غير متوقع في الموقف الإسرائيلي.. نتنياهو يضع شروطًا لمشاركة تركيا في إعادة إعمار غزة

اعادة إعمار غزة
اعادة إعمار غزة

كشفت مصادر دبلوماسية في تل أبيب عن احتمال حدوث تعديل لافت في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن مشاركة تركيا ضمن قوة الاستقرار الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة، فبعد رفض قاطع استمر لفترة، باتت الدوائر الإسرائيلية تتحدث عن مرونة مشروطة، قد تفتح الباب أمام دور تركي محدود إذا ما توافرت شروط سياسية محددة.

شرط نتنياهو الأساسي

وبحسب المصادر، فإن أي تراجع إسرائيلي عن رفض مشاركة أنقرة يرتبط مباشرة بتخلي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خطابه التصعيدي تجاه إسرائيل، وترى تل أبيب أن اللغة السياسية المستخدمة من أنقرة تشكل العقبة الأكبر أمام قبولها بأي وجود تركي داخل غزة، بغض النظر عن الطابع الدولي للقوة المقترحة.

وأفادت صحيفة معاريف العبرية، بأن نتنياهو أعد تصورًا متكاملًا لإعادة ترتيب العلاقة مع تركيا، يتجاوز ملف غزة إلى الإطار الإقليمي الأوسع، ومن المنتظر أن يطرح هذا التصور خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع "مار إيه لاغو" بولاية فلوريدا، في محاولة لبلورة تفاهم ثلاثي يوازن بين المصالح المتشابكة.

ضغوط خلف الكواليس لإدخال أنقرة

وربطت المصادر بين تصاعد النقاش حول "اليوم التالي" في قطاع غزة وبين القمة الأمريكية–الإسرائيلية المرتقبة، مؤكدة أن وسطاء دوليين مارسوا خلال الأيام الماضية ضغوطًا مكثفة بعيدًا عن الأضواء لدفع إسرائيل نحو القبول بمشاركة تركية في قوة الاستقرار، ووفق هذه التقديرات، فإن واشنطن تسعى إلى إظهار تقدم سياسي ينعكس استقرارًا إقليميًا ملموسًا.

دور رمزي محتمل بضمانة أمريكية

وتشير التقديرات إلى أن الرئيس الأمريكي قد يدفع، ولو مبدئيًا، باتجاه إشراك تركيا بصورة رمزية أو محدودة ضمن القوة الدولية، بما يسمح بتسويق خطوة سياسية دون تجاوز الخطوط الحمراء الإسرائيلية بشكل كامل، وينظر إلى هذا الطرح في تل أبيب باعتباره أقل الخيارات كلفة لكنه لا يخلو من حساسية عالية.

مخاوف إسرائيلية من كسر الخط الأحمر

ورغم الحديث عن مرونة مشروطة، تحذر دوائر إسرائيلية من خطورة هذه الخطوة، فتركيا، من وجهة النظر الإسرائيلية، وتحديدًا في ظل قيادة أردوغان، تعد لاعبًا إقليميًا إشكاليًا، وترى معاريف أن الموافقة على وجود تركي في غزة قد تفسر داخليًا وإقليميًا على أنها تراجع عن "خط أحمر" أمني وسياسي.

إشكالية القوة متعددة الجنسيات

في المقابل، تشير مصادر سياسية إلى عقبة أكثر عمقًا، تتمثل في صعوبة تشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات فاعلة فعليًا على الأرض في غزة. ووفق هذه الرؤية، فإن غياب استعداد دول كبرى لتحمل أعباء الانتشار الميداني يجعل المشروع برمته هشًا، بل ويحول محاولة إشراك تركيا إلى مجازفة قد تزيد من المخاطر على إسرائيل بدل تقليصها.

نتنياهو بين الرفض والمناورة

وتؤكد مصادر إسرائيلية أن نتنياهو لن يتجه إلى الاجتماع مع ترامب بموقف متصلب أو رفض قاطع، وعلى الأرجح، سوف يحاول تفادي صدام مباشر مع الرئيس الأمريكي عبر تبني مقاربة "نعم… ولكن"، التي تتيح له هامش مناورة سياسي دون تقديم تنازل مجاني.

رفع الفيتو بشروط سياسية علنية

وبحسب التقييمات، قد توافق إسرائيل على رفع "الفيتو" عن تركيا شريطة التزام أنقرة بسلسلة خطوات سياسية واضحة، وتشمل هذه الخطوات تقديم تفسير علني أو مراجعة رسمية للتصريحات الحادة التي صدرت عن أردوغان وعلى رأسها تشبيهه نتنياهو بهتلر، إلى جانب إعلان تحول ملموس في الخطاب التركي من المواجهة إلى نهج أقل عدائية.

رسالة تل أبيب لواشنطن

وتنقل المصادر أن الرسالة الإسرائيلية المرتقبة إلى ترامب سوف تكون مباشرة طالما أن أنقرة تتبنى خطابًا يقارب خطاب طهران، فلا يمكن قبول وجودها في غزة، لا أمنيًا ولا سياسيًا، أما إذا قاد البيت الأبيض مسارًا أشبه بـ"عفو سياسي" يترافق مع تهدئة تركية حقيقية، فسوف يتمكن نتنياهو من تسويق أي مرونة باعتبارها مكسبًا استراتيجيًا لا تنازلًا.

وتكشف المناقشات الجارية عن احتمال أن يسعى ترامب لربط ملف تركيا بسلة أوسع من المصالح الإسرائيلية، عبر تقديم دعم أمريكي في ملفات أخرى مقابل مرونة إسرائيلية في مسألة أنقرة، وحتى الآن، لم يتخذ قرار نهائي غير أن الاجتماع المرتقب قد يحول هذا الملف إلى اختبار دبلوماسي رفيع المستوى بين تل أبيب وواشنطن، تتحدد على أساسه ملامح الدور التركي في غزة.

إرم نيوز