قالت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الخميس إن خطة إعادة إعمار غزة، رغم الاتفاق المبدئي بين القاهرة وواشنطن، لا تزال تفتقر إلى وضوح كامل فيما يخص الأسلوب المتبع والجدول الزمني لعقد مؤتمر دولي بهذا الشأن، وأوضحت المصادر أن النقاشات مستمرة حول الطريقة المثلى لإطلاق مسار متكامل لإعادة الإعمار، سواء عبر خطة مصرية شاملة أو مقاربة أميركية جزئية تنسجم مع التوجهات الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، أن مصر تسعى إلى إطلاق مسار متكامل لإعادة إعمار غزة، يضمن التوازن بين الحاجة الإنسانية للمواطنين الفلسطينيين والحفاظ على الأمن القومي المصري، مشددًا على التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
مساران متوازيان على الأرض
منذ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في 10 أكتوبر الماضي، ظهر مساران متوازيان لإعادة الإعمار، المسار المصري كان الأسرع في التحرك مع التركيز على عقد مؤتمر دولي لإطلاق برنامج إعادة الإعمار الشامل، وهو ما أكده الرئيس المصري عبر تصريحات سابقة وحدد نهاية نوفمبر الماضي كتوقيت محتمل للمؤتمر، ومع تأجيل عقد المؤتمر، شددت القاهرة على أهمية تهيئة الظروف الملائمة لنجاح المسار وإطلاق جهود التعافي المبكر.
أما المسار الأميركي، فيتضح أنه يتناغم جزئيًا مع الطرح الإسرائيلي، ويركز على إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي.مع اشتراط نزع سلاح حركة "حماس"، ويعرف هذا المشروع باسم "مشروع شروق الشمس"، ويبدأ من جنوب قطاع غزة، بمحافظة رفح، على أن يمتد على مدار عشر سنوات، مع التركيز على خلق بيئة صالحة للسكن والعمل للفلسطينيين في مناطق محددة.
التنسيق المصري الأميركي
أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين أوائل ديسمبر الحالي، أن القاهرة تتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، على أن يتم تحديد موعد قريب لعقد المؤتمر بالتعاون مع الشركاء الدوليين، وفي السياق نفسه، جددت الخارجية الأميركية التأكيد على استمرار التواصل مع الشركاء بشأن إعادة إعمار غزة، مع تحفظها عن الإفصاح عن التفاصيل في الوقت الحالي.
ويشير الأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور، إلى أن المسار المصري أقرب للنجاح، نظرًا لجهود القاهرة المستمرة في خلق توافق بين الأطراف المختلفة، مع التأكيد على حماية المدنيين الفلسطينيين وضمان الأمن القومي المصري، ويضيف أن الدبلوماسية المصرية حريصة على أن تكون غزة مكانًا مناسبًا للعيش والعمل، بعيدًا عن أي تهجير أو تهديد للأمن.
تحديات المسار الأميركي الإسرائيلي
وفقًا لتقديرات فؤاد أنور، فإن المقاربة الأميركية التي تميل جزئيًا لمصالح إسرائيل تمثل نوعًا من صفقة تفاوضية، تهدف إلى ضمان شروط أمنية محددة، بما في ذلك نزع سلاح "حماس"، مع إمكانية تمرير مشاريع إعادة الإعمار في مناطق محددة دون المساس بالهيمنة الإسرائيلية.
ويستند هذا المسار إلى فكرة بناء "رفح الجديدة" كمشروع نموذجي لإعادة الإعمار، دون تحديد أماكن إقامة الفلسطينيين النازحين خلال فترة التنفيذ.
الأمل في توافق دولي شامل
وسط هذه التحديات، أبدى وزير الخارجية التركي تفاؤله حيال إمكانية التوصل إلى تفاهمات أولية بشأن إعادة الإعمار، رغم تعنت إسرائيل، مشيرًا إلى أن الاجتماعات التحضيرية في ميامي تركزت على دراسة المشروعات الأولية.
كما أشارت تقارير بلومبرغ إلى استمرار جهود الولايات المتحدة وحلفائها لعقد مؤتمر دولي مطلع الشهر المقبل، في واشنطن أو القاهرة أو مواقع أخرى، لإعطاء زخم جديد لخطوات إعادة الإعمار ودعم اتفاق وقف إطلاق النار.
وبينما تستمر المشاورات، شدد المتحدث باسم الخارجية المصرية على أن الجهود تركز على تهيئة الظروف الملائمة لإطلاق مسار متكامل للتعافي وإعادة الإعمار، بما يدعم الشعب الفلسطيني ويخفف من معاناته، ويضمن استمرار التهدئة والاستقرار في غزة.
