كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن تفاصيل لافتة من اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت"، الذي امتد لنحو أربع ساعات متواصلة وشهد عرضًا وصف بأنه من أكثر التقارير قتامة منذ اندلاع الحرب، والتقرير قدمه يوسي عمراني، رئيس الدائرة السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وركز على التدهور الحاد في مكانة إسرائيل الدولية عقب تسريبات سجن "سديه تيمان".
فيديو واحد يشعل عاصفة رقمية عالمية
وخلال عرضه، أوضح عمراني أن المقطع المصو الذي كشف انتهاكات جسيمة واعتداءات ذات طابع جنسي بحق أسرى فلسطينيين داخل المعتقل، فجر موجة غير مسبوقة من الغضب والتفاعل السلبي على منصات التواصل الاجتماعي.
ووفقًا للبيانات المعروضة، فإن حجم التفاعلات المناهضة لإسرائيل ارتفع بشكل صادم من نحو 32 ألف تفاعل إلى ما يقارب 96 ألفًا خلال يوم واحد فقط، فيما تجاوز عدد مشاهدات المحتوى المرتبط بالقضية حاجز 110 ملايين مشاهدة في أقل من 24 ساعة.
ضربة قاسية للرواية الإسرائيلية حول 7 أكتوبر
وأشار التقرير إلى أن التداعيات الأخطر للفيديو لم تكن رقمية فحسب، بل مست جوهر السردية الإسرائيلية الرسمية بشأن أحداث 7 أكتوبر، إذ أظهرت المؤشرات أن الخطاب الذي يصف الاتهامات الإسرائيلية بارتكاب "جرائم جنسية" من قبل الفلسطينيين بأنها "ذريعة دعائية" أو “"خدعة سياسية" شهد قفزة هائلة بلغت 3,427% خلال يوم واحد فقط من تسريب مشاهد التعذيب، مما يعني انقلابًا حادًا في اتجاه الرأي العام العالمي.
تآكل القوة الناعمة وانكشاف الصورة الدولية
وتعكس الأرقام التي وُضعت أمام وزراء الكابينت حجم الضرر الاستراتيجي الذي لحق بما يعرف بـ"القوة الناعمة" لإسرائيل، وصورتها التي سعت لسنوات إلى ترسيخها كـ"دولة تحترم القانون الدولي"، ويرى مسؤولون في وزارة الخارجية أن ما جرى في "سديه تيمان" لم يؤدي فقط إلى تأليب الرأي العام العالمي، بل فتح الباب واسعًا أمام خصوم إسرائيل لاستخدام هذه الوقائع كأداة دعائية فعالة لتقويض مصداقية كل الروايات الرسمية السابقة.
مأزق سياسي طويل الأمد
وبحسب التقييم الداخلي، فإن خطورة الفضيحة لا تكمن في لحظتها الراهنة فقط، بل في آثارها التراكمية على المدى المتوسط والبعيد، حيث باتت إسرائيل تواجه صعوبة متزايدة في الدفاع عن مواقفها دبلوماسيًا، في ظل تداول واسع لمشاهد موثقة تضعف أي خطاب رسمي مستقبلي. وهو ما يضع الحكومة الإسرائيلية أمام تحدي مركب يتجاوز إدارة الأزمة، إلى إعادة ترميم صورة دولية تعرضت لهزة عميقة وغير مسبوقة.
