في اعتراف وصف بالأخطر منذ هجوم السابع من أكتوبر، كشفت مصادر أمنية إسرائيلية عن وجود "فراغ مظلم" في العمل الاستخباراتي استمر قرابة عشرين عاماً، بعدما أقرت أجهزة "الشاباك" و"الموساد" والوحدة "504" بعجزها الكامل عن تجنيد أو تشغيل أي عميل مؤثر داخل البنية القيادية لحركة حماس منذ عام 2005.
فشل قرب تل أبيب
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" نقلًا عن تقارير داخلية وصفت بأنها "مقلقة"، أن المؤسسة الأمنية التي تتفاخر بقدرتها على اختراق دول تبعد آلاف الكيلومترات، بقيت عاجزة تماماً عن اختراق الدائرة الأولى للقيادة السياسية والعسكرية لحماس، رغم قربها الجغرافي الذي لا يتجاوز 100 كيلومتر عن تل أبيب.
وأشارت "الصحيفة"، إلى أن جميع العملاء الذين جرى تشغيلهم داخل غزة كانوا في مراتب دنيا، ولم يقدم أي منهم معلومات ذات قيمة إنذارية تسبق الهجوم الواسع.
جدار حماس الحديدي
وأثار هذا الإخفاق تساؤلات وجودية داخل أروقة الأمن الإسرائيلي حول أسباب الفشل في تجنيد مصدر واحد داخل قطاع يعاني أوضاعاً اقتصادية قاسية وتنتشر فيه دوائر سخط.
ويرى محللون أن السبب يعود إلى "الجدار الحديدي" الذي فرضته حماس حول كوادرها، خصوصاً عقب عملية خان يونس الفاشلة عام 2018، حيث استوعبت الحركة أساليب التجسس الإسرائيلية ونجحت في تطوير منظومة مضادة فعالة، لم تنتبه إسرائيل إلى خطورتها إلا بعد فوات الأوان.
وأوضحت "الصحيفة"، أن الانسحاب من قطاع غزة عام 2005 وما تبعه من حصار مشدد أدى إلى "تآكل مساحات الاحتكاك"، فمع توقف دخول العمال وغياب السياحة والنشاط الاقتصادي، خسرت إسرائيل قنواتها التقليدية لتجنيد العملاء.
وتسبب هذا الانغلاق الكامل في جعل تشغيل "عملاء من الصف الأول" أمراً شبه مستحيل، لاحتياجهم إلى لقاء مشغليهم في دول ثالثة، ما حول قيادة حماس إلى "صندوق أسود" عصيّ على الاختراق.
انتقادات واتهامات
ولم تسلم القيادات الأمنية من الانتقادات، إذ وُجهت سهام اللوم إلى رئيسي الشاباك السابقين، رونين بار ونداف أرغمان، بتهمة تحويل الجهاز إلى أداة للعمليات الخاصة على حساب الاستخبارات البشرية.
واختتمت "الصحيفة"، بالتأكيد على أن حالة "التناغم" بين الأجهزة، إلى جانب ضعف الرقابة السياسية من قبل بنيامين نتنياهو ومجلس الأمن القومي، أدت إلى "تنويم المنظومة"، حيث كان الجميع على علم بالفقر الاستخباراتي داخل غزة، لكن الصمت ساد حتى وقعت الكارثة.
