أفادت صحيفة "الشرق الأوسط" أن إسرائيل تواصل تتبع عدد من الخيوط المرتبطة بجثة آخر أسير لديها داخل قطاع غزة، الشرطي ران غويلي، في ظل عجز حركة "حماس" عن الوصول إليها وتسليمها، الأمر الذي دفع جهات أمنية إسرائيلية إلى تنفيذ أنشطة سرية غرب الخط الأصفر داخل مناطق خاضعة لسيطرة الحركة.
بحث بلا نتائج
وتسعى "حماس" منذ أسابيع إلى العثور على جثة غويلي، التي كان يُعتقد أنها مدفونة في ثلاثة أو أربعة مواقع بحيي الزيتون والشجاعية شرق مدينة غزة.
وخلال الأسابيع الماضية، نقلت إسرائيل عبر الوسطاء معلومات إلى الحركة الفلسطينية حول مكان الدفن المحتمل، إلى جانب أسماء أشخاص وجهت إليهم اتهامات بالمسؤولية عن أسره والاحتفاظ به، إلا أن هذه المعطيات لم تسفر عن نتائج فعلية.
نشاط سري واختطاف
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر فصائلية وميدانية فلسطينية للصحيفة أن إسرائيل تنفذ نشاطًا سريًا داخل قطاع غزة للبحث عن جثة غويلي، مشيرة إلى أن ذلك شمل اختطاف ناشط ميداني من "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وهو من سكان حي الزيتون، في منطقة قريبة من ميدان فلسطين وسط مدينة غزة.
وأوضحت المصادر، التي تحفظت على ذكر اسم عنصر الجهاد الإسلامي، أن موقع الاختطاف يبعد نحو كيلومتر واحد غرب الخط الأصفر، وأن العملية نُفذت قبل أيام قليلة.
وأشارت "المصادر"، إلى أن قوة إسرائيلية خاصة نفذت العملية، في ظل اعتقاد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأن الشخص المختطف له صلة مباشرة بجثة الشرطي الإسرائيلي والاحتفاظ بها.
تحركات عبر القاهرة
وقبل أقل من شهر، زار وفد إسرائيلي العاصمة المصرية القاهرة مرتين، كان آخرهما في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، حيث التقى مسؤولين كبارًا ووفدًا من الوسطاء.
وبحث الوفد عدة ملفات، كان من أبرزها قضية إعادة جثة غويلي، وقدم معلومات عن أسماء أشخاص يشتبه في تورطهم في اختطافه والاحتفاظ به، إضافة إلى أماكن محتملة لوجود الجثة.
ومن بين الأسماء التي طرحت، وفق المصادر، الشخص الذي اختطفته القوة الإسرائيلية الخاصة قبل أيام.
سجال حول الجهة المسؤولة
وبالرغم من إعلان "سرايا القدس" في التاسع من الشهر الحالي تسليم آخر المختطفين لديها من الأحياء والأموات، تصر إسرائيل على أن غويلي ما زال محتجزًا.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية العامة عن مسؤول أمني رفيع قوله إن الجثة موجودة لدى الجهاد الإسلامي، متهمًا حماس بعدم ممارسة ضغط كافٍ على الحركة لتسليمها.
اتهامات ومماطلة
كما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر أمنية اتهامات لحماس بأنها لم تستجوب عناصر الجهاد الإسلامي للوصول إلى الموقع الذي يعتقد أن الجثة دفنت فيه، معتبرة ذلك مماطلة من الحركة التي تسيطر على أجزاء من القطاع.
وادعت "المصادر"، أن الجيش الإسرائيلي تجنب عمدًا استهداف بعض الأسماء خشية ضياع المعلومات المتعلقة بمكان الجثة.
وفي المقابل، لم تصدر "سرايا القدس" أو جناحها السياسي الجهاد الإسلامي، ولا حتى حماس، أي تعليق علني على هذه الاتهامات، بينما كانت مصادر مطلعة من حماس قد نفت، قبل أسابيع، للصحيفة أن تكون الجثة بحوزتها.
روايتان متناقضتان
كما أكدت مصادر من الجهاد الإسلامي للصحيفة، إن الجثة كانت بالفعل لدى نشطائها، ثم جرى تسليمها بعد فترة قصيرة إلى نشطاء وقيادات ميدانية من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في مدينة غزة، لأسباب عدة، أبرزها التنسيق الميداني المشترك.
وأوضحت "المصادر"، أن الجثة تنقلت بين أكثر من موقع نتيجة الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة، وفي بعض الأحيان كانت موجودة في مناطق تتواجد فيها قوات الاحتلال، ليتم نقلها بعد انسحابها، إلا أنها بقيت لاحقًا لدى بعض نشطاء كتائب القسام.
رواية حماس
في المقابل، تفيد مصادر من حماس بأن الجثة كانت لديها منذ فترة طويلة، وجرى الاحتفاظ بها لآخر مرة قبل أشهر من وقف إطلاق النار في موقع محدد بحي الزيتون.
ولفتت "المصادر"، إلى أن القوات الإسرائيلية دخلت المنطقة مرات عدة، وجرفت المكان وغيرت معالمه عبر القصف الجوي والمدفعي وعمليات النسف.
وأضافت "المصادر"، أن جميع النشطاء الذين كانوا يشرفون على الاحتفاظ بالجثة، وكذلك كل من يعرف مكانها، قتلوا في عمليات منفصلة، بعضهم خلال معارك واشتباكات.
ورفضت "المصادر"، التعليق على رواية الجهاد الإسلامي بشأن تسليم الجثة إلى حماس في الأشهر الأولى من الحرب.
كما بينت "المصادر"، أن عملية البحث عن الجثة شديدة التعقيد، مرجحة أن تكون بقاياها قد اختلطت بجثث فلسطينيين آخرين، أو جرى جرفها بفعل العمليات الإسرائيلية في المناطق التي وجدت فيها سابقًا.
وأكدت "المصادر"، أن الحركة لم تتوقف عن البحث، وبذلت جهودًا مضاعفة للوصول إليها.
شرط إسرائيلي وضغط سياسي
وتصر إسرائيل على تسليم جثة غويلي قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو ملف من المقرر أن يبحثه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين، خلال القمة المرتقبة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ومن جانبه، قال غازي حمد، عضو المكتب السياسي لحركة حماس وعضو وفدها المفاوض، في تصريحات متلفزة قبل أيام، إن الحركة لا تمتلك معلومات مؤكدة بشأن الجثة الأخيرة التي يجري البحث عنها لتسليمها.
