احتكاك غير مسبوق خلف الكواليس.. تفاصيل صدامات أميركية ـ إسرائيلية داخل غرف التنسيق العسكري

جيش الاحتلال
جيش الاحتلال

كشفت تقارير أميركية حديثة عن وقوع مناوشات حادة وغير معتادة بين ضباط من الجيشين الأميركي والإسرائيلي، سواء داخل قطاع غزة أو في مقر القوات الأميركية بمدينة "كريات غات" جنوب إسرائيل، في تطور يعكس توترًا متصاعدًا داخل آليات التنسيق الميداني بين الجانبين.

من خلافات إجرائية إلى مواجهات مباشرة

وبحسب ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، لم تتوقف الخلافات عند حدود النقاشات الفنية، بل تطورت في بعض الحالات إلى صدامات قاسية وتبادل توبيخ بين ضباط من الطرفين، على خلفية تضارب التعليمات والصلاحيات الممنوحة لكل جانب.

شرارة الأزمة

وتعود بداية الاحتكاكات، وفق الصحيفة، إلى قيام القوات الأميركية بنشر توثيقات التقطتها طائرات مسيرة، رصدت تحركات وعمليات نفذتها وحدات من الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة، واعتبرت القيادة الإسرائيلية هذا السلوك تجاوزًا للاتفاقات القائمة، التي تقصر مهام التصوير الأميركي على متابعة قوافل المساعدات والأنشطة اللوجستية المرتبطة بها.

واقعة "كريات غات"

وتكشف شهادة حصلت عليها الصحيفة العبرية عن حادثة وقعت قبل نحو ثلاثة أسابيع خلال إحاطة صباحية اعتيادية في مقر القيادة الأميركية بـ"كريات غات"، بحضور مسؤولين استخباراتيين إقليميين، وخلال الجلسة، عرض ضباط أميركيون صورًا التُقطت لمقاتلين من الجيش الإسرائيلي باستخدام كاميرات يتم التحكم بها عن بُعد، ما دفع ضابطًا إسرائيليًا رفيع المستوى إلى المطالبة الفورية بإزالة الصور.

واعتبر الضابط الإسرائيلي أن ما جرى يمثل انتهاكًا واضحًا للصلاحيات والتصاريح المسبقة، التي تنص صراحة على حصر التصوير في تتبع شاحنات المساعدات والعمليات الإنسانية، دون توثيق أنشطة قتالية للجيش الإسرائيلي.

مقر أميركي يتحول إلى ساحة احتكاك يومي

ووفق "يديعوت أحرونوت"، بات مقر القوات الأميركية في إسرائيل نقطة توتر شبه دائمة، حيث تشهد أروقته احتكاكات متكررة بين الضباط الأميركيين والإسرائيليين، لا سيما فيما يتعلق بإدارة ملف المساعدات الإنسانية وإدخال المعدات إلى قطاع غزة.

ضغوط أميركية ومخاوف أمنية إسرائيلية

وتشير الصحيفة إلى أن الضباط الأميركيين يمارسون ضغوطًا متزايدة للسماح بإدخال معدات إضافية إلى غزة، من بينها مولدات كهرباء وأدوات تصنفها إسرائيل على أنها ذات استخدام مزدوج، أي يمكن توظيفها لأغراض مدنية أو عسكرية في آن واحد.

في المقابل، يبدي الجيش الإسرائيلي تحفظًا شديدًا على هذه الطلبات، خشية أن تستخدم تلك المعدات لاحقًا في تعزيز قدرات الفصائل المسلحة، وعلى رأسها حركة حماس.

قيود رسمية

ورغم أن إدخال هذه المعدات يخضع رسميًا لموافقة هيئة الأركان العامة والقيادة السياسية في إسرائيل، فإن المعطيات الميدانية، بحسب الصحيفة، تشير إلى استمرار الضغوط الأميركية المباشرة على الضباط الإسرائيليين العاملين داخل المقر المشترك.

وفي إحدى المناقشات التي دارت حول هذه القضايا، نقلت الصحيفة عن شهادة داخلية أن ضابطًا إسرائيليًا اعترض على تنفيذ إجراء معين، ليرد عليه ضابط أميركي بلهجة حادة قائلاً: "لا داعي للقلق المفرط، ولا تكن نرجسيًا"، في تعبير يعكس مستوى التوتر داخل الاجتماعات.

خلافات حتى على مواد البنية التحتية

وامتد الخلاف ليشمل تفاصيل فنية، مثل طلب استخدام أنابيب لمدّ شبكات صرف صحي ضمن مشاريع إعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها الحرب، وبينما طالب الجانب الأميركي باستخدام أنابيب متنوعة، وافق الجيش الإسرائيلي فقط على الأنابيب البلاستيكية، رافضًا مواد أخرى قد تُستخدم لأغراض غير مدنية.

الكنيست يدخل على خط الأزمة

ولم تبقى هذه الاحتكاكات حبيسة الغرف العسكرية، إذ نوقشت أيضًا داخل لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست، وخلال جلسة مغلقة، طالب عضو الكنيست عاميت هاليفي، من حزب الليكود، بتسليم ممثلي الجيش قائمة كاملة بالمعدات ذات الاستخدام المزدوج التي يسمح بإدخالها.

وادعى هاليفي أن الضغوط الأميركية تؤدي في النهاية إلى إدخال معدات تنتهي في صفوف حماس، بحسب تعبيره.

القرار بيد إسرائيل

وأكدت مصادر في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن صلاحية إدخال المساعدات والمعدات لا تزال حصرًا بيد إسرائيل، مشددة على أن سياسة إدخال المساعدات إلى غزة تحظى بموافقة القيادة السياسية، وتنفذ عمليًا عبر وزارة الدفاع.

وختمت "يديعوت أحرونوت" بالإشارة إلى أن مقر القوات الأميركية المؤلف من ثلاثة طوابق في "كريات غات" لم يعد مجرد منشأة عسكرية، بل تحول إلى ما وصفه مسؤولون إسرائيليون أمام لجنة الكنيست بـ"مركز ثقل دبلوماسي"، تختلط فيه الحسابات العسكرية بالتجاذبات السياسية، في ظل حرب مفتوحة وتعقيدات إقليمية متزايدة.

إرم نيوز