في دائرة الضوء
(تأجيل الانتخابات الفلسطينية )
الكاتب الصحفي جلال نشوان
اختلفت الآراء وتنازعت الأهواء فى قضية تأجيل الانتخابات وارتداداتها ، فلسطينيا واقليميا ودوليا وانقسم الناس بين مؤيد ،ومعارض ، وانطلقت تصريحات مؤيدة وأخرى منددة ،
وفي الحقيقة وبشكل موضوعي لايمكن لاي عاقل أو حكيم ان يسلم بان تجرى الانتخابات بدون القدس ،فالقدس هى رمانة الميزان وهى الخط الاحمر الذي لايمكن تجاوزه ، لذا فان قرار التأجيل قراراً وطنياً بامتياز ، تٌرفع له القبعات ، فاذا أجريت الانتخابات بدون القدس ،فهو تسليم بصفقة القرن وأيضا سلخ القدس عن كيان الدولة الفلسطينية التي ستقوم باذن الله عاجلاً أم آجلاً ،
أما أصحاب الرأي الذين يؤيدون اجراء الانتخابات ،فهم يذهبون باتجاه ان عدم اجرائها ، سيعزز من الانقسام وأن اجرائها ايضا سيجدد الشرعيات وضخ دماء جديدة لتدير دفة الأمور وسن التشريعات وتعزيز الدور الرقابي على اي حكومة تمارس عملها على الأرض
أي كانت الآراء فان التأجيل ألقى حجراً فى المياه الراكدة ووضع اسرائيل فى الزاوية ،مما جعل المجتمع الدولي يسلط الضوء على قضية القدس والدليل على ذلك أصدرت دول اوروبية مثل المانيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا بيانا قويا يحمل فى طياته بانه يجب على اسرائيل افساح المجال أمام المقدسيين لانتخاب ممثليهم وازالة كافة المعيقات التي تحول دون ادراج القدس فى الانتخابات ...
شئنا ام أبينا فان تأجيل الانتخابات كان قراراً صائبا وجعل العالم كله يدين الممارسات الاسرائيلية التي تنفذها ضد حرية المقدسيين فى ممارسة العملية الانتخابية ووضع الكرة في مرمى المجتمع الدولي ، وهنا يجب التأكيد على كافة القوى السياسية الفلسطينية الانتباه من نقل الصراع مع المحتل الى الصراع الداخلي وتأجيج النفوس ، لأن الوضع الداخلي مٌترع بالأزمات والاشكاليات المعقدة ، لذا على الجميع التوحد والالتفاف الوطني لفضح اسرائيل وتدويل قضية القدس ليتسنى للمجتمع الدولي ممارسة ضغوطه على حكومة المستوطنين التي تبذل جهوداً على مدار الساعة لفرض الوقائع على الأرض وتهويد المدينة المقدسة ،وبدلاً من نقل الصراع الداخلي يجب تعزيز صمود اهلنا المقدسيين فى مقارعة المحتل وقطعان مستوطنيه
لقد أثبت شباب القدس الأبطال فى هبتهم المباركة أن الكف يواجه المخرز وينتصر ، وان اذعان المحتل وازالة الحواجز الحديدية ،سوف يسجله التاريخ ، لانهم قاتلوا المحتل بصدورهم العارية وانتصروا ...
ما حدث هو تأجيل وليس الغاء ،وهنا يجب علينا أن نتوحد وأن نكون يداً واحدة لانتزاع حقوقنا من المحتل ونقل ملف القدس الى مرمى المجتمع الدولي لادراجها فى الانتخابات الفلسطينية ليمارس المقدسيين حريتهم فى اختيار ممثليهم ،وهنا يتضح مدى جدية و صدق الولايات المتحدة الأمريكية التي أزمت الأوضاع عندما أعطى ترامب وعده المشؤوم بجعل القدس عاصمة للكيان
ان اجراء الانتخابات بدون القدس هو جريمة وطنية وامعاناً بتطبيق صفقة القرن ،تلك الصفقة التي تم صياغتها من بنات أفكار نتنياهو وصبي البيت الأبيض السابق المراهق كوشنر ، والتي تحطمت على صلابة الموقف الفلسطيني الذي استطاع ان يقذفها فى غياهب النسيان ،وهنا نؤكد ان السياسة الأمريكية مهما اعدت من وجبات سياسية لن تنال من القدس ، ولن يكتب لها النجاح ، لأن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وستبقى درة المدن وان اجراء الانتخابات الفلسطينية بدون القدس هو بمثابة انتحار سياسي كبير وعليه يجب ان نتوحد فى التصدي لكافة المخاطر وانه لا انتخابات بدونها