أصبح الكويتي حسن الفيلكاوي، أشهر من النار على العلم خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب قصة حياته، والتي يحكى عنها بأنها أغرب من الخيال.

حسن الفيلكاوي ترك الكويت عام 1996 وذهب إلى أميركا لاستكمال دراسته، وثاني يوم وصول لسوء حظه فقد ذاكرته، وبقي في أمريكا 25 عاما، دون معرفة شيء عن حياته السابقة.

تفاصيل الحكاية

توجه حسن الفيلكاوي لأمريكا للدراسة في معهد اللغة الإنجليزية تمهيدا لاستئناف دراساته العليا، وقام حجز حسن تذكرة إلى كاليفورنيا، حيث يقطن صديق له، حدد مدة الرحلة بـ5 أيام رآها كافية للتقدم بأوراقه إلى معهد اللغات، ومن ثم يعود بعدها إلى الكويت انتظارا لقبول التسجيل.

لعب القدر لعبته وتعرض حسن قبل تقديم أوراقه لإصابة في الرأس نتيجة حادث لم يرغب في الكشف عن حيثياته أو شرح تفاصيله، إذ إنه ما زال يعاني من آثاره حتى يومنا هذا.

مهاجر غير شرعي

فقد حسن الذاكرة، ونسي كل شيء يتعلق بماضيه، ولم يعد يتذكر حتى مكان حقيبته التي أودعها جواز سفره وجميع أوراقه الثبوتية وشهادته الجامعية، لم يتعرف على نفسه ولا إلى أي دولة ينتمي، فما كان من السلطات الأمريكية إلا أن صنفته مهاجرا غير شرعي وحصل على هوية بذلك.

عمل حسن في قطاع البناء والعمران، بحثاً عن قوت يومه، وأكمل دراسته في معهد للغات، واجتاز لاحقا اختبار المستوى الجامعي، كما وحصل على شهادة الماجستير، واللافت أن مادة الرياضيات التي حصل على شهادتها من كلية العلوم في جامعة الكويت عالقة في ذهنه وعقله الباطن

أصبح حسن مدرسا بإحدى الكليات في كاليفورنيا؛ لكن براتب مقطوع، ولم يكن يملك منزلا، وفي 2005 تعرف إلى فتاة أميركية وتزوجها.، ورزق بابنين وابنة.

لم يفقد الأمل

اجتهد حسن كثيرا للتوصل إلى هويته، فكان يطرق أبواب السفارات العربية علّه يجد فيها من يجيب على تساؤلاته بمن يكون؟ وإلى أي أرض ينتمي؟

أنشأ حسابا على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وفي يوليو/تموز عام 2020 لعله يعثر فيه على ضالته، فبات يبحث عن اسم "حسن حسن" وما إذا كانت هناك عائلة تحمل هذا الاسم علّه ينتمي لها، غير أن جميع محاولاته باءت بالفشل.

 

رؤيا تعيد له الذاكرة

ومع بداية عام 2021 رأى حسن في منامه صديق طفولته في جزيرة فيلكا الكويتية وزميل دراسته في الجامعة الفنان مشاري البلام -رحمه الله- لتعيد هذا الرؤيا لحسن جزءا من ذكريات الطفولة.

تفاجأ حسن عندما بحث عن صديقة "مشاري صالح"، الذي كان يعرفه به دون عائلته "البلام"، ليصعق بنبأ مرور 3 أيام على وفاته، ولحسن حظه تابع حسن حسابات الناس التي التي قدمت النعي للفنان الراحل واحدا تلو الآخر؛ استوقفه حساب شقيقه محمد الفيلكاوي، فأخذ يقلب صورته مرارا وتكرارا.

هذه الصورة أرجعت لحسن 90% من ذاكرته، ليستعيد معها المكان الذي كان قد خبأ فيه حقيبة أوراقه الثبوتية، ليهرع إليه، ويعثر على نفسه من جديد.

العودة للنفس

سارع حسن بالذهاب إلى القنصلية الكويتية ليخبر موظفيها بقصته، وليبدأ الإعداد لرحلة عودته إلى أرض الوطن بالتنسيق مع وزارة الخارجية.

وبحسب الجزيرة نت لم يتلق حسن أي جواب ما دفعه للتدقيق بقائمة أصدقائه في تويتر، ويعثر على حساب نجله جاسم، الذي كان بمثابة رفيق درب لعمه حسن، حيث لم يكن يكبره سوى بعامين، وزامله أثناء الدراسة الجامعية.

شعر جاسم بالذهول عندما وقعت عيناه على رسالة من عمه يخبره فيها بأنه ما يزال على قيد الحياة، خاصة وأن عائلة حسن ظلوا لسنوات وسنوات يبحثون عنه، ولم يتركوا بابا إلا وطرقوه طلبا للمساعدة في العثور على عمهم، الذي انقطعت أخباره حتى ظنوا أنه مات.

يروي جاسم أنه لم يصدق أن عمه حسن على الجانب الآخر من الهاتف من هول المفاجأة، فلكنته العراقية التي تأثر بها من أصدقائه، زادت شكوكه في أنه يتعرض لـ"مقلب" ما.

لكن شكوك جاسم تبددت عندما ذكّره عمه بتفاصيل دقيقة جمعتهما معا، ليتأكد معها من أن محدثه ليس سوى عمه حسن، وبات وجميع أفراد العائلة يعدون الساعات والدقائق لاستقبال الغائب الحاضر.

الداخلية الكويتية

سهلت وزارة الداخلية الكويتية عودة حسن وأفراد عائلته، ولم يتسن سوى لشقيقه وشقيقاته الثلاث استقباله في مطار الكويت الدولي التزاما بالاحترازات الصحية التي فرضتها جائحة كورونا.

والجدير أن حسن وعائلته الصغيرة يقضون الحجر الصحي المؤسسي حاليا في أحد فنادق الكويت انتظارا للعودة إلى أحضان العائلة الكبيرة.

يذكر أن أم حسن توفيت في 2020، وظلت حتى لحظاتها الأخيرة وتؤكد للمحيطين بها أن شعورها كأم يخبرها بأن حسن ما زال على قيد الحياة.