بقلم: ناصر عطاالله
قرأت مقالتك الأخيرة تحت عنوان" انتهت الحكاية" وارتبت من سطورها الأولى إلى يقين تلبسني في رؤيتك لنهاية المرحلة، وأنك تغرد خارج الواقع وتعتمد فلسفة " حرق روما" دون انتباهة لمصير الشعب الفلسطيني، فمن السهل التوصيف و تحميل المسؤوليات وتطريز النهايات ووضع القلم على رأس النقطة الأخيرة، ولكن ماذا فعلت بعد التفتيش بالعلة التي اعتمدت أنها علة، دون أن تضرب في منديل العرافة لتضع لنا علامات واضحة نحو الغد!.
ففتح التي تدعى أنها أطلال وأن الأطلال لا يبكي على الأطلال، لا زالت بغبار معاركها وعلى شعارها الأول، وتوقد شعلتها في كل عام، وهنا وعلى الصابرين وحدهم فهم فكرة الثورة التي لم تعلن نهايتها ولم تشطب مراسيم مسارها الأول، وعلى قصيري النظر وضع الطبق فوق طبق المرحلة ليحكموا باللحظة على ممتد رأسه في الماضي وزحفه متواصل ولم يقطع عنه هواء الغاية، وفتح بكل مافيها ومن فيها وما لها وما عليها تتمسك بالغاية الأسمى ولم ترفع راية الهزيمة، بل هي من أشعلت المركز المقدسي في هذه الجولة، و قيادتها في القدس من ثاروا واعتقلوا ومنعوا من دخول بيوتهم والأحياء، وهم الذين أججوا رأس الحكاية، وأخرجوا الشيخ جراح من تدليس المحتل إلى شمس الاشتباك، ومن يحتاج إلى برهان فالأيام قليلة في ما طواه الزمن.
كان على الكاتب إلياس خوري الذي نقدر له أدبه وحسه العروبي وعلاقته مع فلسطين وشعبها، أن لا ينهي الحكاية على طريقة " نيرون" إن سلمنا أن نيرون من حرق روما، ولكن كان عليه أن يقدم نصائح للتصويب أو تقوية المسار النضالي والدعوة إلى وضع مواعيد صلاحية لوسائل المواجهة، ولا يأتي على الأصول لترك الشعب الفلسطيني في متاهة لن يستفيد منها إلا الاحتلال نفسه، والفعل المناضل أدوار ومواقع ووسائل ومستويات ولا يوجد مق اومة بدون مكونات و مقدرات.
ولا حاجة لتفصيل فكرة مقالة إلياس خوري والرد على كل جزئية فيها، لأن مفهومها العام تشوبه مغالطات كثيفة، ما كنت أتوقعها من كاتب عربي فتح بوابة الشمس على القضية الفلسطينية، وعاش مع نخبة النخب من كتّاب فلسطين كما عايش الهم الفلسطيني بكل تفاصيله في فترة الثورة والزمن اللبناني!.
والحق الفلسطيني المنهوب والمسكوت عنه وهو بيد المحتل يستحق تنوع الوسيلة و تكتيكات المواجهة، ولا يستحق المجازفة بالعدميات وشرعنة الانتحار على منهج الأساطير القديمة، لأن ثمة شعب لا يزال بحناجره يصدح في عراء النخوات المطبعة والمستبضعة، ولن يعدم الإرادة مهما توهم المتعجلون نهاية الحكاية.
البوابة 24