البيان والتبيين في قصة الهيكل المزعوم

قلم
قلم

بقلم: هادي الاحمد

 يسابق بني اسرائيل الزمن اليوم حاثين الخطى للوصول الى هدف منشود واحد ، يتمثل بالهيكل او ما يعرف بهيكل سليمان ؟ من هنا يتبادر الى الذهن سؤال هل لهذا الهيكل أدلة وجودية في الحياة ؟ هل يوجد علامات واشارات تبرهن على فعلية وجود هذا الهيكل ؟وهل عمليات البحث المستميتة من قبل الاسرائيليين عنه يمكن ان تؤدي الى وجوده ؟ للاجابة على هذه الاسئلة لا بد من الاستعانة بدليل دامغ يدحض ويفند تلك المزاعم الاسرائيلية القائلة بوجود ذلك الهيكل ولعل اهمها حديث سيد البشرية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع حيث قال (( فَإنّي قَدْ تَركْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أخَذتمْ بِهِ لَمْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، كِتَابَ اللهِ وَ سُنَّة نَبيّه، أَلاَ هَلْ بلّغتُ، اللّهمّ اشْهَدْ )) ، ولكن ما علاقة هذا الحديث النبوي الشريف بدلالة وجود الهيكل الاسرائيلي المزعوم من عدمه ؟ لعل العلاقة هنا بينة واضحة حيث اكد ارسول الكريم صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة التي ثبت فيها قواعد البناء لقانون الحياة للانسان المسلم ما بعد عصره وحتى يوم القيامة لتخلوا هذه المبادئ الحياتية مجتمعة من اية اشارة او دلالة على وجود هيكل لجماعة اليهود في دائرة الحياة كلها ، لانه ان وجد لكان معلم البشرية الاول قد اشار وبين الى صحابته وهم الثقات العدول هذا الحدث الهام الذي سيكون له تداعياته وحيثياته فيما بعد عصر النبوة الشريف ؟ وما تأثيره على امة الاسلام بعد ذلك ؟ ولان الرسول الكريم في خطبته في حجة الوداع قد وضع أسس النظام الحياتي لمجتمع الاسلام وامته ولم يتطرق الى ذكر بني اسرائيل ولا هيكلهم المزعوم لا اشارة ولا تلميحا بصورة نهائية ، فان هذا ما يؤكد وجوب التأكيد التام اليقيني والذي يضاف اليه ايضا جهود اسرائيل الفاشلة لايجاد اي اثر لهذا الهيكل و متعلقاته كالبقرة الحمراء ميلودي منذ عصر النبوة الى اليوم بان كل ما تذكره اسرائيل واحبارها ما هو الى محض افتراءات واكاذيب واهمة واهية هدفها واحد يتمثل بالاستحواذ والسيطرة على فلسطين واية مناطق عربية اخرى للوصول الى ارض الميعاد المنشودة . قصة الهيكل اليهودي او الاسرائيلي ايا كانت تسميته ليست قصة عابرة او كلام عابر يقال وينسى في التو واللحظة بل هو حدث هام ذي تأثير واسع على مجريات حياة امة العروبة والاسلام بشكل عام ،

ولذك كله فلا يمكن ان يمتلك هذا الموضوع هذه الاهمية الكبيرة ولا يذكره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الاخيرة قبل وفاته،لانه والكلام عن الرسول الكريم اسس في هذه الخطبة لكيفية ولطبيعة حياة الناس وبالاخص امة الاسلام لما بعد وفاته ، فهل يعقل ان لا يذكر ولا يخبر عن امر وحدث كبير كهذا وهو النبي الذي اخبر في خطبته هذه عن كل شيئ او مبدئ ستقوم عليه صورة الحياة للانسان وبالاخص الانسان العربي والمسلم ؟ لقد ذكر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله المأثور الطيب موصيا الناس ليخبروا عنه الاجيال الانسانية القادمة بعد وفاته ( فَإنّي قَدْ تَركْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أخَذتمْ بِهِ لَمْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، كِتَابَ اللهِ وَ سُنَّة نَبيّه، أَلاَ هَلْ بلّغتُ، اللّهمّ اشْهَدْ )

وفي القران الكريم الذي تعهد الله سبحانه بحفظه في قوله تعالى (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) . لم يرد ذكر لهيكل سليمان وانما ورد ذكر المسجد وهو مكان العبادة الصحيح الذي امر به الله البشر ليؤدوا اليه العبادة والطاعة فيه (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين )) سورة النمل )) ولعل ما يؤكد ذلك بدقة متناهية قوله صلى الله عليه وسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا : حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ )) .

كل هذه ادلة دامغة بينة على عدم وجود هيكل اسرائيل او اليهود او ايا كان اسمهم ؟ ويضاف اليها الكثير الكثير من قراءات وشهادات علماء العصر الحديث الدالة ايضا على انتفاء وجود ذلك الهيكل او ايا من علاماته ، ومن ذلك قول العالم توماس طُمسن، في كتابِهِ «الماضي الخرافي (التوراة والتاريخ) »، مفهوم بناء الهيكل السليماني، بوصفِهِ مركزاً لعبادة يهوه، قائلاً: «تلك الصور لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي. إننا نعرفها فقط كقِصَّة، وما نَعرفهُ حول هذه القِصص، لا يُشجِّعنا على معاملتها، كما لو أنها تاريخيَّة )). كل هذه الحقائق الصادقة الواضحة وضوح الشمس تؤكد تأكيدا حتميا على انتفاء وجود ذلك الهيكل اليهودي ، وفي اضافة اخرى تدعم هذا النفي القاطع لجوده ( الهيكل ) مبدا اساسي يتمثل بكون النبي سليمان عليه السلام انما هو نبي كسائر الانبياء الذين كلفهم الله بأمره تعالى لايصال الدين الالهي الى الناس وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الانبياء والمرسلين جميعا وصاحب الدين الاسلامي الاخير للبشرية كافة وبالنتيجة فان وجود الهيكل نفسه يعني تكليف المسلمين بأنفسهم باثبات هذا الوجود لانه هنا قد صار معلما اسلاميا يتوجب اظهاره وبيانه بشكل تفصيلي واضح وهذا ما لم يكن ولم يحصل ابدا لانه ( الهيكل ) لا يملك صفة الوجود بأساسها وكل معانيها ، ان ما يقوم به بني اسرائيل اليوم من اعمال وحشية اجرامية تجاه المواطن الفلسطيني الطيب ما هو الا مخططات ذات مغزى واحد هو الهيمنة والسيطرة باسلوب القوة الغاشمة للوصول الى بناء المملكة او الدولة الصهيونية التي طال انتظارها ؟

نتيجة لما سبق ذكره : رفضت اسرائيل الامة العربية والدين الاسلامي النبيل رفضا صريحا ولا زالت الاصوات تعلوا ومنها للاسف عربية غشيمة لا تقرأ تاريخ الاسلام ابدا بل تقرأ مصالحها الانية المادية وكأن الدنيا مخلدة ابدية بضرورة مواصلة الحوارات والنقاشات معها للوصول للتهدئة والتسوية ؟ فعن اي تسوية وتهدئة يتم الحديث بعد احداث حي الشيخ جراح وبعد اقتحامات اليهود للاقصى الشريف بنعالهم واحذيتهم الوسخة بلا وجه حق ؟ هذا عدا عن اساليب اسرائيل الانتقامية في تدمير كل منجز عربي ومسلم في الحياة ؟ لا وجود لهيكل اليهود ابدا في الحياة وهم ذاتهم في غالب الامر لا يطيقون الحياة مع غير ذاتهم وجنسهم هذا ما اثبتته حقائق الحياة الصادقة التي لا تقبل الشك ولا التأويل ابدا .

البوابة 24