البوابة 24

البوابة 24

تأجيج واستغلال الجريمة

حسام جبر
حسام جبر

بقلم: حسام جبر

لم أرَ أحد ينكر أو يعتبر أن ما حدث مع نزار بنات لم يكن جريمة واضحة وجب على الجهات الحكومية محاسبة مرتكبيها. 

إلا أن الخلاف بيننا حصل نتيجة مصالحنا وطريقة تعاطينا واستغلال جهات حزبية قبيحة نجسة لقضية هزت أخلاقنا ومعتقداتنا وعاداتنا التي تعتبر دمه أي أن روح نزار تصطدم معها مما يولد حالة اختناق تبرز فوضى تخلق مصائب أخرى تعدم معالجة مشاكلنا الحالية.

طبيعة ما نحمله من نظرة خاطئة متأصلة عن السلطة الفلسطينية عند البعض تجعل أخطائها تحرف الجريمة، بجانب أن المثقفين المنتفعين لا ينتقدون بحق ويأججون الجريمة البشعة مما يخلق جرائم أحقر، كما لو أن الأجهزة الأمنية غير موجودة في كل بيت من بيوتنا، كما لو أن المؤسسات الوطنية وما تحمله من تاريخ نضالي مشرف تعمل بما تستطيع على حماية فلسطين لم نعد نراه.

عندما نتفق أن ما حدث من دماء ودمار في الدول الشقيقة ناتج عن أجندات خارجية تعمل على تفتيت دولتنا إلا أن غبائنا مع الأوغاد الموجودين بيننا يعملون على خلق فوضى تستمر لسنوات تنهي وجودنا. 

لا بد أن يحدث ما بيننا ما حدث حالياً، الانقسام وعدم وجود الشرف في تناول الجريمة يجعلنا ننسى دفاع السلطة الفلسطينية عن حماس في الأمم المتحدة وإسقاط أنها حركة أرهابية مع صمود السلطة وتحديها لأمريكا ورفضها لصفقة القرن لمدة أربع سنوات.

مبرارات توضيح وطنية حركة فتح أكبر مما تستوعبه أوقاتنا المغمسة بالحزبية الفاقدة للمناقشة الحقيقية الصادقة.

لم لا وعقوبات السلطة لغزة تجعلها في موقف هش، رغم أننا نعرف أن التمييز الجغرافي مبني على صراع سياسي ما بين فتح التي تريد أن تجعل حماس تلتزم بسياسيتها في التعامل مع الاحتلال.

ذهب نضال حركة فتح المستمر والمتصدر للمقاومة الشعبية في القدس والضفة بكل مدنها ولم يعد معلق في عقول من يقدم الانتقاد لها، كما لو أن تضحيات حركة فتح لا تضاهي تضحيات جميع الأحزاب الفلسطينية الأخرى أمام المحتل.

عندما تم الاتفاق في القاهرة قبل أشهر معدودة على خارطة طريق تبدأ بالانتخابات التشريعية ومن ثم تشكيل حكومة وبعدها انتخابات رئاسية لينتهي المشهد بانتخابات مجلس وطني، تقدم الاحتلال الصهيوني ومنع إجرائها في القدس مما ولد بعدها تصريحات تبتعد عن الواقعية صدرت ما بيننا، إلا أن الرئيس أبو مازن عند تأجيل الانتخابات قدم مسار يعالج ما حدث، يبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على الضغط على الاحتلال الصهيوني لفرض الانتخابات ولتنفيذ خارطة الطريق الموقعة في مصر الحبيبة، هنا تشكيل الحكومة تعتبر البند الثاني من اتفاقية القاهرة.

الاحتلال تعرض لمقاومة في القدس مما جعل غزة والضفة والرملة واللد وأم الفحم وكل مدن فلسطين تنتفض، أي أن فلسطين وقيادتها ومكوناتها المختلفة توحدت أمام المحتل الصهيوني الحقير. 

فرحنا وسعدنا بالمشهد وصمدنا وأصبح واضح أن فلسطين تحت احتلال، كما أن غزة التي قدمت الفاتورة الأكبر بينت أن الاحتلال يبتز المقاومة بغزة في حقوق الشعب الفلسطيني.

جاءت جريمة نزار تبين أن خلافنا السيء والأسوء عدم وجود مسئولية أمام أن الاحتلال يعتلي صدورنا، أمام أننا أخوة رغم تعدد الأحزاب السياسية، وأنه يوجد بيننا تاريخ نضالي مشترك، وأمام تخوين السلطة الفلسطينية والتي تعتبر فتح أساسها.

بعد هذا التوصيف نستنتج أن ما سوف يحدث بيننا يبني الاقتتال الداخلي دون توقف مما يجعل الاحتلال الصهيوني ينهي ما يهدف إليه. 

نزار بنات له ما له وعليه ما عليه كأي إنسان، إلا أن الرحمة ومحاسبة من وراء الجريمة تحمي أساسيات ما نحمله من تاريخ مشترك في ظل تحديات وتعقيدات كبيرة مترسخة في ما عرض وفي ما لم يعرض هنا من تفاصيل متشابكة ومتلاصقة ولا يتسع المجال للحديث عنها الآن. 

رحم الله نزار وصبر الله أهله وذويه وأبعد الله عنا الفتنة ومن يعمل على تأجيجها ونحن متفقون أن حركة فتح رأس الثورة الفلسطينية. 

هذا يعني أن الخلاف معها لا يجب أن يبتعد عن أصول تلتزم بما يحمي الهوية الوطنية. 

كما تعلمون راتبي وراتب والدتي المتحصلة عليه بدماء ابنها الشهيد مقطوع من السلطة الفلسطينية، إلا أن طريقة طرحي لما حدث في قضية نزار ما بيننا كأخوة تستوجب وضع ما تم طرحه من أولويات لن تمنعنا من محاسبة فتح وحماس والسلطة والجهاد والجبهة والمؤسسات وأي إنسان بطريقة تراعي أساسيات تحمي تاريخنا النضالي والثقافي المشترك.

الجرائم والحوادث هنا وهناك لن تنتهي بيننا ما لم نبنِ الوحدة الفلسطينة، كما أن طريقة تفاعلنا مع هذه المصائب الحاصلة بيننا يجب عليها مراعاة وتقديم ما يقربنا من بعضنا البعض دون التنازل عن الحقوق المسلوبة من السلطات الحاكمة في غزة والضفة.

غضبنا وانفعالنا لا يجب أن يمنعنا عن التفكير بعقولنا التي عليها توفير الهدوء والمسؤولية عندما تلتصق بما ذكر وبما لم يعرض في ثنايا يمكن وصفها وربطها ما بين الفقرات بطريقة توضح الصورة وترشدنا لبناء الوحدة المعالجة لبشاعتنا.
بقلم: حسام صالح جبر 
جوال: 00972599361239
إيميل: h.j153@hotmail.com

البوابة 24