البوابة 24

البوابة 24

للذكرى

نداء يونس
نداء يونس

بقلم: نداء يونس

نبحث عادة عن نهايات تراجيدية لحكايات اسطورية، لكن اكثر النهايات تراجيدية ليست الموت، لا الجروح ولا الفقد بمعناه الفيزيائي ولا الخسارات المعلنة بملصق اشهاري، بل اشياء بسيطة جدا كما نمر على اشارة قف في نهاية شارع ما ولا يستوقفنا سوى حمولتها الدلالية ولثوان فقط،  جملة بسيطة مثل "هذا النص للذكرى". 
مثل اماكن التخزين في بيوت الامهات يمتلئ هذا الجسد بالاشياء الخربة والضرورية ( لكن ليس  لهذه اللحظة- الان)، ويختنق بالاشياء التي يمكن ان نحتاجها يوما واشياء لا معنى لها؛ السؤال يتعلق بتلك المساحة التي تشغلها الذكرى، لا كيف تزيد بل كيف  تنقص، وانا تؤلمني المساحات التي خصصتها للذكرى/ الزجاج.
ربما لا نربح الحب ابدا، لكننا على الاقل حددنا من نحب ومن لا نحب، وهذه طريقة مبتكرة كي ننزف بفخر  ونموت بأسطورية ملهمة، كما في حالة اننا لم نكسب الحرب لكننا استطعنا ان نعرف اعداءنا واحدا واحدا.
منذ وقت كنت احلم بأفعى كأنها نحتت من المرمر تحاول ان تلدغني جهة القلب وعندما تقترب يتحول جدعها ورأسها الى غبار ثم تتخلق وتعاود الكرة، امس حلمت بأفعي تشبه دودة ارضية عملاقة برأسين، واحد منهما مكان الذيل وكانت تنسحب كلما تحاول لدغي. قال لي صديق يفسر الاحلام ثلاثة تفاسير احداها ان هذه الافاعي صديق يأتي مدعيا المحبة لكنه يخفي الغيرة والحسد، وقلت ليس اكثر من هذا. 
الحب ايضا افعى، اما ان تلدغ او لا تلدغ، ولا اصدق حلما لم يلدغني في الحب.
التأويل سيد لانك ترتهن له، كما الخديعة والذكرى، ثم ماذا؟
الكلام شبكة للصيد نكتفي بشرائها وكما قال د.وليد الشرفا "لا تتعب نفسك بمراقبة البحر ولا بتدريب الصياد، اشتر الشبكة وكفى"، وكلانا يقصد شيئا ابعد من تثبيت الكلام كاشارة "قف" في آخر شارع وعينا.
النصوص التي للذكرى تتحول الى زجاج، او انها تصبح خفافيش ترتطم بكل الضوء الممكن وتجرحه.
اشتري بالمال لقيمات، وبالحب لقيمات ايضا.
الخسارات كثيرة، لكن افضل اسبابها ان تكون سببا للشتيمة كما قالت صديقة ما.
قلت "لا اعرف من الحدود سوى جسدي"، لكن هذا ايضا مرعب، فهذه المعرفة تحديدا توجب استدعاء الشرطة اللغوية والاجتماعية كي اترجم لحظة واحدة في الحب.
في حوار ما لم يكتمل، لان المصلحة اقوى من الشعر ومن اللغة، قلت انني اريد ان اكون ظلال للظل، ظلا لشيء الشيء، مسلة للعدم، لكن امتياز التخفف ليس متاحا بذاك الترف المتوقع. 
- وهذا النص للذكرى.

البوابة 24