فلسطين - خاص البوابة 24
أكد الدكتور أحمد حلس، الخبير البيئي، أن ارتفاع درجة حرارة الأرض أصبح حقيقة لا لبس فيها، حيث أن أكثر من تسعة مراكز دولية سجلت درجات الحرارة على سطح الأرض منذ 80 عاماً، في كثير من المحيطات والمناطق عبر الأجهزة الحديثة، وترصد رسوم جوية لهذه الحرارة، ثم تطورت لتصل إلى مرحلة مراقبة الكرة الأرضية بجهاز التحكم عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية.
وقال حلس لموقع "البوابة 24": "إن هناك الكثير من التقارير التي ترصد درجات الحرارة للأرض في كل عام، حيث أن التغير الحراري وارتفاع درجات حرارة الأرض حقيقة لا يمكن الجدال فيها، حيث أنه تم رصد آلاف بل ملايين من الأطنان التي تمسك الحرارة، تم انتاجها عبر 100 عام السابقة وسارت الأمور بتسارع نتيجة احراق كميات هائلة من الوقود العضوي مثل البترول والغاز والنفط والفحم، بالإضافة إلى الكثير من ممارسات البشر، فكل ذلك ينتج غازات تمسك الحرارة على سطح الأرض وعلى رأسها غاز ثاني أكسيد الكربون، كذلك غازات الأوزون وغيرها".
وأضاف حلس: "نتيجة هذه الغازات فإن درجات حرارة الأرض ارتفعت من درجة ونصف إلى درجتين، حيث إن ذلك تعتبر سمة وتأقلمت عليها كل الكائنات، وهذا يعني تغيير في الضغط الجوي، وعندما يتغير الضغط الجوي من المرتفع إلى المنخفض يكون عمود الهواء البارد ثقيلاً وعمود الهواء الساخن يخف، وبالتالي تتغير اتجاه وقوة وسرعة الرياح، وهذا يعني تغيير تنقل السحب المسؤولة عن السحب، وبالتالي تكون مناطق الغابات جافة، وبالتالي أصبحت الأشجار أكثر عرضة للاحتراق".
وأشار إلى أن بعض المناطق لم تصل فيها درجات الحرارة في تاريخها الى 30 درجة، ولكن عندما تصل درجات الحرارة فيها إلى 45 وأكثر، فإن ذلك دليل مباشر بتغيير المناخ، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن مناطق الغابات تعتبر في الأصل مناطق رطبة ولكن أصبحت جافة، فيما أصبحت مناطق الصحراء رطبة وتساقطت فيها الأمطار، مثل ألمانيا وأوروبا والكثير من المناطق ليس معهوداً عليها سقوط الامطار فيها بعمق كبير.
وفي السياق، قال حلس: "ارتفاع درجات حرارة الأرض أدى إلى انصهار آلاف الأمتار المكعبة من الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، وبالتالي سقطت آلاف الأمتار المكعبة من الجليد في المحيطات، وبالتالي تشكلت الأمواج والفيضانات التي أغرقت الكثير من الدول، كما أن ارتفاع درجات حرارة الأرض أدى إلى جفاف النباتات وتصحر التربة، وبالتالي أي شرارة أو اشتعال لأي لهب كعقاب سيجارة في أي غابة فإنه سيتم اشتعال الحرائق، لأن الرطوبة انعدمت وخفت نسبة المياه في تربة الغابة، وهذا ما حصل في استراليا والكثير من الدول العربية".
وأضاف: "احتراق الغابات مؤشراً خطيراً، لأن ذلك يفاقم الازمة، حيث أن الغابات تعتبر رئة الأرض، فرئة الأرض يعني ثاني أكسيد الكربون وتصدر أكسجين وبالتالي تعطي رطوبة وسحب وأمطار، لذلك فإن احتراقها وتصحرها وتحويلها لأراضٍ جرداء يعني مفاقمة أزمة المناخ بشكل أكبر".
وأشار حلس، إلى أن ارتفاع درجات حرارة الأرض يؤدي إلى الكثير من الأمراض وانقراض كائنات حية وانتشار الأوبئة، وهلاك للمحاصيل الزراعية وشح في مياه الأمطار، كما يحدث في قطاع غزة، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن فصل الشتاء يأتي في يومين أو ثلاثة بدلاً من أن يتوزع على أربعة شهور، وبالتالي لا يمكن الاستفادة من هذا الفصل، حيث يعمل ذلك على تدمير الزراعة وتجريف التربة.
وفيما يتعلق بقطاع غزة، أكد الخبير البيئي، أن أكثر الناس سبباً في حدوث تغير المناخ هم الدول القوية والمتينة والمتقدمة، وهي الأقل تضرراً، بينما أكثر دول العالم تضرراً من تغير المناخ هي الدول الأكثر فقراً، حيث أن قطاع غزة أحد أهم المناطق التي تتعرض للآثار السلبية من تغير المناخ عبر الكثير من الصور والأشكال، إحداها شح مياه الأمطار وتناقصها، وضعف الإنتاج الزراعي وتصحر التربة وفسادها، مشيراً إلى أن الكثير من المناطق في قطاع غزة، نتيجة الحرب والتجريف والتخريب، وتغير المناخ، فقد جفت فيها التربة وأصبحت غير صالحة للزراعة.
وقال: "للأسف فإن الغطاء النباتي في قطاع غزة ضعيف ومتهالك، ولا يوجد لدينا الغابات بالمفهوم التقليدي، وانما يوجد بعض البيارات البسيطة كبواقي نتيجة للزحف العمراني، فكل عام من 15 الى 16 ألف وحدة سكنية، 60% منها بنيت على حساب الأراضي الزراعية، حيث الكثير من المناطق جرفت بما فيها من أشجار وتم استبدالها بالأسمنت والباطون، فالغابات بالشكل التقليدي ليست موجودة في القطاع، وهذا لا يعني انه لا يوجد أشجار قد لا تشتعل، لكن التخوف من التغيرات المناخية، يكون باتجاهات أخرى غير حرائق الأشجار والغابات، فقد يكون التخوف من جفاف التربة ونقص مياه الامطار وعجز تلبية احتياجات القطاع من الزراعة والإنتاج والأمن الغذائي، وهذا يشكل خطر كبير علينا".
وأضاف حلس: "المخاوف كذلك من انتشار الأمراض المرتبطة بارتفاع الحرارة كالبكتيريا والطفيليات والفيروسات التي تنسجم مع الحرارة المرتفعة، بالإضافة الى تكاثر ناقلات الأمراض كالقوارض والجرذان والقطط والفئران والحشرات كالبعوض، بالإضافة انقراض وقتل الكثير من الكائنات الحية والحيوانات، والكثير من النباتات والأشجار تموت نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي تصحر الكثير من المناطق والمساحات".
وتابع حلس بقوله: "إن أكثر الناس فقراً في القطاع، سيكونون أكثر عرضة لآثار التغير المناخي، حيث أن درجات الحرارة المرتفعة وانقطاع التيار الكهربائي والكثير من المشكلات في المنازل بسبب انغلاق وتكتيم الهواء في البيوت الضيقة المتراصة في المخيمات، بالإضافة إلى أن انقطاع التيار الكهرباء يعني فساد الأطعمة لأنه لا يوجد تبريد، كذلك ارتفاع الحرارة يعني هروب الناس من البيوت إلى المتنفس الوحيد وهو البحر، والذي يضخ إليه كل يوم أكثر من 120 ألف متر مكعب من المياه العادمة بكل ما فيها من تلوث بكتيري وفيروسي والطفيليات، بالإضافة إلى المركبات الكيماوية الموجودة في مياه الصرف الصحي".
وأشار حلس إلى أن تغير المناخ مرتبط كذلك بحوادث ومشكلات لها علاقة بشح المياه وانقطاع التيار الكهربائي والاحتياجات اللازمة للأسرة من المياه، وبالتالي سيكون هناك مشكلة للذي يسكن في الطبقات العليا أو البعيد عن مضخات المياه والآبار، منوها إلى أن المياه ترتبط بالنظافة الشخصية وحماية الأسرة من الأمراض، وبالتالي نقص كميات مياه سيعمل على التقليل من مستوى النظافة عند الأسرة.