البوابة 24

البوابة 24

عملية "حد السيف".. الكنز الأمني والاستخباري بين أيدي القسام.. فما هو؟

فلسطين - البوابة 24

ثلاثة أعوام مرت على عملية "حد السيف"، والتي تصدت خلالها المقاومة الفلسطينية الى قوة عسكرية إسرائيلية اطلق عليها وحد "سيرت متكال"، في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وأسفرت هذه العملية عن استشهاد القيادي في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، نور بركة، بالإضافة الى عدة عناصر كانوا برفقته، فيما قتل ضابط إسرائيلي واصابة عدد من الجنود، خلال هذه العملية.

هذه العملية، أثبت التطور الأمني والاستخباراتي والعسكري لدى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها القسام، والتي أصبحت تستطيع افشال أي مخطط إسرائيلي.

الكنز الأمني والاستخباري

ولم يقتصر الأمر على كشف الوحدة الإسرائيلية فقط، وانما استحوذت المقاومة الفلسطينية على معدات كانت بحوزة هذه الوحدة، والتي وصفها إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بالكنز الأمني والاستخباري.

ونقلت صحيفة "الأخبار اللبنانية"، عن مصادر فلسطينية لم تسمها، أن المقاومة الفلسطينية أطلقت دفعات كبيرة من الصواريخ على مناطق إسرائيلية محددة، وذلك بهدف اختبار التطور الأبرز في منظومتها الصاروخية، والتي أسهمت في تجاوز القبة الحديدية الإسرائيلية.

وبحسب المصادر، يتمثّل الكنز الأمني التي استحوذت المقاومة الفلسطينية عليه بعد عملية حد السيف، على عدد من أجهزة التجسّس والمعدّات العسكرية، التي كانت تمثّل بنية تحتية لعمل مستقبلي للقوات الخاصّة الإسرائيلية داخل القطاع، بالإضافة الى الكشف عن نقاط الضعف التي تعتمد عليها قوات الاحتلال للدخول لقطاع غزة.

في السياق، أفادت المصادر الفلسطينية، أن كتائب القسام استحوذت كذلك على معلومات ووثائق تكشف آلية عمل قوات الاحتلال السرية لإحباط قدراتها في قطاع غزة.

وبحسب المصدر، فإن كتائب القسام وعبر مهندسوها، تمكنت من اختراق الأجهزة الخاصة بالوحدة، والسيطرة على تسجيلات تكشف طريقة دخولها وعملها في قطاع غزة.

الاكتشاف الأخطر

ولعل الاكتشاف الأخطر بالنسبة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، هو أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من الكشف عن هوية أفراد القوة العسكرية، حيث نشرت صورهم على وسائل الاعلام، وهذا ما دفع حكومة الاحتلال الى إحالة أفراد القوة الى التقاعد.

بعد انتهاء العملية، خرج قادة الاحتلال الإسرائيلي على وسائل الاعلام، يعترفون بفشل العملية في خانيونس، كما اعترفوا بمقتل ضابط الوحدة واصابة عدد من أفرادها في اشتباك مسلح مع عناصر المقاومة الفلسطينية.

تفاصيل العملية

وكانت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد كشفت عن تفاصيل دقيقة لعملية حد السيف التي أفشلت مخطط القوة العسكرية الإسرائيلية، وحدة " سيرت متكال" في خانيونس جنوب قطاع غزة.

وقالت القسام: "مع ساعات المساء الأولى من يوم الأحد الموافق 11/11/2018 اشتبه القائد الشهيد نور بركة بمركبة زرقاء اللون من نوع "فلوكس" كانت تسير بالقرب من منزله، حينما لاحظ توقفها في أكثر من مكان بالمنطقة وترجل منها أشخاص ملامحهم تدل على أنهم من خارج المنطقة".

وأضافت: "أبلغ بركة، ضابط الاستخبارات الميداني، كما وجّه المجاهدين في الميدان بإيقاف المركبة وعند سؤالهم لأفراد القوة رد قائد القوة – الذي قتل في العملية- بلكنة عربية محلية بأنهم في زيارة لأقاربهم، لكن الشيخ نور لم يقتنع بهذه الرواية التي نقلت إليه، وقرر ملاحقة المركبة وإسناد عملية الاستجواب لضابط الاستخبارات الميداني".

وأشارت القسام في تفاصيل العملية، إلى أن نور بركاة تحرك لملاحقة المركبة المشبوهة، حيث توجه من طريق التفافي ليقطع خط سيرها، وحينها كان ضابط الاستخبارات برفقة عدد من المجاهدين قد استوقفوا المركبة وصادروا هواتف من بداخلها حيث كانت متطابقة في الشكل واللون وفي جزء كبير من محتوياتها، كما أبرزوا بطاقاتهم الشخصية التي كانت تنتحل أسماء أشخاص من سكان مدينة غزة.

وبحسب كتائب القسام، فقد وجه بركة، المجاهدين بتفتيش المركبة وإنزال من فيها، واستجواب كل واحد منهم على حدة، وخلال الاستجواب لمس المجاهدون حرص أفراد القوة الشديد على إظهار رواية موحدة؛ ولكن تحت ضغط الاستجواب سقط بعضهم في حالة من تضارب الروايات، التي تشتّتت بين زيارة مريضة في المستشفى وبين العمل في مؤسسة دولية تحمل اسم "هيو ميدكا" وثالثة لاصطحاب قريبتهم التي تسكن بالقرب من المنطقة.

وقالت القسام: "استمر التحقيق مع أفراد القوة قرابة 40 دقيقة، أُجبر خلالها الجميع على الترجل من المركبة، وكان من بينهم رجل يحمل عكازا ويتظاهر بأنه يعاني من إعاقة حركية، بالإضافة إلى سيدتين، وخلال عملية التفتيش سقطت حقيبة إحدى السيدتين فظهر ما بداخلها وكانت عبارة عن مجموعة من المصاحف الصغيرة موجودة بين ملابس نسائية وهذا ما عزز الشك لدى المجاهدين".

وأضافت: "مع تزايد الشك رفع المجاهدون درجة التفتيش؛ فعثروا على مظاريف فيها مبالغ نقدية متساوية وذات أرقام متسلسلة، وعليها أسماء وعناوين أشخاص من قطاع غزة"، متابعة بقولها: "أخبر ضابط الاستخبارات الميداني الشيخ نور بركة بمجريات التحقيق ليكون رده: "هؤلاء كذّابين"، وأمر باقتياد أفراد القوة لأحد المواقع العسكرية للبدء بجولة موسعة من التحقيق معهم".

واستطرد كتائب القسام بقولها في تفاصيل العملية: "مع صدور قرار الشيخ نور باقتياد القوة لأحد المواقع، ظهرت عليهم علامات التوتر الشديد حتى بكى بعضهم، ورفضوا الانصياع للأوامر ثم باشروا بإطلاق النار على المجاهدين ليستشهد الشيخ نور والمجاهد محمد القرا على الفور بينما أصيب اثنان آخران، وقتها قام أحد المجاهدين بإطلاق النار من مسدسه باتجاه أحد أفراد القوة ليصيبه في صدره وقد اتضح فيما بعد أنه قائد القوة "ميني".

وأكملت: "ترجل أفراد القوة من المركبة ليتبادلو إطلاق النار مع المجاهدين فأصابوا ضابط الاستخبارات فيما أصيب أحد أفراد القوة، وفي هذه اللحظة انتشلت القوة جثة القتيل "ميني" والمصاب بسرعة وسط حالة من الارتباك، لتبدأ مرحلة المطاردة".

وأشارت القسام، إلى أنه في تمامِ الساعةِ 8:48 من يوم العملية، تم إبلاغ قيادة كتيبة خانيونس الشرقية بوجود شهداء وإصابات في مكان الاستجواب وبأن المركبة اتجهت شرقاً وبسرعة كبيرة جداً، وعلى الفور أصدرت قيادة كتيبة خانيونس الشرقية أمراً بتنفيذ خطة الاستنفار رقم (20/7) المتفق عليها مسبقاً، والتي تتضمن اغلاقَ جميع الطرق والمنافذ المؤدية الي منطقة صلاحيات الكتيبة، وفرض طوق على كل المنافذ والمداخل.

وأكدت، أن المجاهدين بدأوا بتنفيذ الأمر وتمشيط المنطقة بالكامل، وأظهروا درجةً عاليةً من الجهوزية، وأثناء عملية التمشيط بدأ المجاهدون بالإطباق على القوة الإسرائيلية من عدة اتجاهات وكادوا أن يصلوا إليها.

وقالت القسام: "في تلك اللحظات وبعد أن أيقنت قيادةُ العدو أنها لن تستطيع سحب الوحدة براً باتجاه الحدود وأصبح الخيار لديها أن تقوم الوحدة بالاختفاء مع المركبات في إحدى المزارع القريبة من مكان الإخلاء والمحافظة على الصمت التام وانتظار الدعم الجوي".

وأضافت: "في الأثناء بدأت قوات العدو بالتدخل جواً لخلق حزام ناري بين المجاهدين وبين القوة وتعطيل أي محاولة للوصول لمكان تواجدها، وذلك من خلال الطيران المسير المروحي والطائرات الحربية والتي نفذت دائرة نيران هائلة في محيط تواجد الوحدة، وكما تم استهداف جميع الطرق والمفترقات المؤدية إلى مكان تواجدها، مما أدى لارتقاء عدد من الشهداء".

وتابعت القسام: "بدأ العدو بتطوير خطته في الإخلاء وكان ذلك باستدعاء مروحية نقل جوي من نوع "يسعور 2000" ودخولها من الجهة الشرقية على ارتفاع منخفض مدعومة بمقاتلتين من نوع اباتشي لحمايتها وتأمينها".

واستطردت بقولها: "خلال ذلك أجرى العدو تشويشاً موسعاً على جميع الاتصالات اللاسلكية في المنطقة كما اخترق موجة اللاسلكي الخاصةِ بالقسام وأصدر إشارات مُضلِلة تفيد بإسقاط طائرة في البحر وأن على المقاتلين التوجه باتجاه الغرب، لكن ذلك لم ينطلي على المجاهدين فصدر التوجيه من خلال سلاح الإشارة بأن هذا النداء كاذب وعلى الجميع مواصلة العمل وفق التعليمات السابقة".

واكملت: "بمجرد وصول الطائرة وهبوطها في منطقة الإخلاء تحرك أفراد الوحدة باتجاه منطقة الهبوط، وبدأت طائرات الاباتشي بعمل جدار ناري كثيف حول المنطقة، إلا أن المجاهدين تقدموا ببسالة منقطعة النظير لمسافة لا تتعدى الـ 100 متر وأطلقوا النار بكثافة من الرشاشات الخفيفة باتجاه الطائرة والوحدة مما أجبر طائرة "اليسعور" إلى الاخلاء بشكل سريع جداً في وقت لا يتعدى الدقيقتين, تاركة ًورائها المركبتين المليئتين بالأجهزة والأسرارِ التكنولوجية، ليضطر العدو بعد ذلك لاستهدافها بالطيران الحربي ظاناً أنه بذلك أتلف جميع المعدات بداخلها".

وفي السياق، أعلنت القسام وقتها، أنها جراء القصف المكثف استشهد أثناء المطاردة ثلاثة من المجاهدين الذين كانوا قريبين من منطقة الاخلاء وأطلقوا النار على الطائرة والقوة الخاصة، وهم الشهداء: محمود مصبح وعلاء الدين فسيفس، ومصطفى أبو عودة.

وقالت: "لقد كاد المجاهدون ببسالتهم أن يأسروا القوة المعادية أو يردوهم قتلى، لكن القوة تمكنت من الفرار بأعجوبة تجر أذيال الخيبة، فيما تركت خلفها كنزاً معلوماتياً وضعت كتائب القسام يديها عليه، وسيكون له أثرٌ مهم بإذن الله خلال معركتها المتواصلة مع العدو الصهيوني".

البوابة 24