فلسطين - البوابة 24
مغامرة ليلية يومية تحدث بيننا وبين الشرطة البحرية الإسرائيلية" أكثر من 30 ألف شخص يعتاش من البحر الذي يعاني فيه الصيادين من مشاكل كثيرة ومواجهات عديدة مع الشرطة البحرية التي تحتم على كل صياد ان يكتب في سجله بانه اعتقله الاحتلال اثناء عمله للية واحدة وقد تكون أكثر.
محكوم بالسجن لمدة ست سنوات غيابي
رائد أبو عودة (36 عاما) صاحب المغامرة الطويلة مع الشرطة البحرية ومحكوم للسجن ستة سنوات غيابياً ولم يسلم نفسه لحتى اللحظة، حيث يعمل صياد مع عائلته منذ سنة 1994 م، لم يرى أصعب من السنوات العشر الأخيرة على قطاع الصيد وكأن الصياد أصبح يخاطر بروحه من أجل لقمة عيش أطفاله.
أكثر من 50 عائلة تعتاش من مركب أبو عودة الذي تعرض للاحتجاز والوقوف عن العمل لمدة 6 أشهر، رائد يتحدث عما جري معه ويقول:" الاحتلال يتفنن بالتعامل مع الصيادين لا يترك أي وسيلة الا بالضغط علينا وخنقنا بإجراءاته التعسفية من بينها ملاحقتنا داخل البحر و لا نستطيع الصيد أبدا لتوفير قوت يومنا وتغطية تكاليف المركب والوقود، عندما نتعرض لمحاولة اعتقال من الشرطة البحرية الإسرائيلية لا نسلم أنفسنا بسرعة، بل نلعب لعبة القط والفأر مع الاحتلال لمدة ساعتين ويتم اطلاق النار نحونا حتى يتم الإمساك بنا واعتقالنا".
أما عما يحدث خلال ساعات الاعتقال يقول:" الاحتلال يبدأ بأسئلة عن حياة الشخص اسمه وعمره وسكنه وعائلته وغيرها من الأسئلة التي تتعلق بغزة وما يحدث بها، ولكن عندما يسألنا عما يحدث في غزة لا أجيب الا بأنني صياد أمارس عملي فقط ولا أهتم بباقي الأمور، وبالطبع الاحتلال يستخدم العنف اللفظي يشتم بمختلف الألفاظ، ولكنني لا أهتم له كثيرا لأني لا أفهم ما يقول بشكل كامل وأتركه يشتم ويهدد ويتوعد لي".
ويضيف:" بعد انتهاء التحقيق والشعور بالملل مني يبدأ المحققون بوضع شروط وقيود من أجل إطلاق سراحي، أهمها أن أعمل لصالحهم والتخابر معهم وبالطبع لأنني ناضج وأفهم ما يريدون ولا أخاف من تهديداتهم أوافق على طلبهم كتسهيل لعملية إطلاق سراحي، ولكن بعد دخولي معبر بيت حانون" ايرز" أنسى ما طلب مني ولا أهتم لأمرهم وأكمل حياتي بشكل طبيعي وكأن لم يحدث شيئا معي".
عند الاعتقال الصياد يقلق بالدرجة الأولى على مركبه، وهذا ما حدث مع رائد الذي احتجز مركبه لمدة ستة أشهر، حيث وضح ذلك قائلاً:" عندما يتم الاعتقال نقلق بشكل كبير على المركب فاذا تم احتجازه يكون أمر مأساوي لعشرات الأسر التي تعتاش منه، فعندما تم احتجازه لمدة ستة أشهر كانت أصعب أشهر في حياتي فلم أستطيع الصيد وأجبرت على أن أكون عامل في مراكب أخرى ولا تكون اليومية كافية لمصاريف أسرتي المكونة من ستة أفراد، فاذا تم اتلاف أو حجز المركب كأنه أخذ روحنا وقتلنا بدون رصاص".
صراع وخسائر داخل البحر
اسلام الهبيل (27 عاماً) متزوج ولديه ثلاثة أطفال يعمل صياد منذ أن كان بعمر العشرة أعوام تربى في البحر وكان شاهداً على تغيرات سياسة الاحتلال مع الصيادين وفرض عقوبات ومضايقات كثيرة عليهم قائلاً:" الاحتلال لا يفهم الظروف التي تحدث مع الصياد داخل البحر يستعمل قوته في مضايقة الصياد دون تفهم كيف خرج هذا الصياد من أجل أن يصيد ويوفر قوت يومه لأطفاله لهذا يتعمد تدمير المركب أو الحسكة أو اعتقال الصياد بالقوة".
ويقول أنه تعرض لهجوم عنيف من الاحتلال داخل البحر:" قبل أن يتم الاعتقال من قبل الشرطة البحرية تطلق رشاشات المياه باتجاه الحسكة بهدف اغراقها إذا لم يتم تسليم أنفسنا لهم، ونحن اما نهرب منهم قبل غرق الحسكة وذهاب أرواحنا او نستسلم من أجل سلامتنا وسلامة رزقنا الذي نعتاش منه".
ويضيف:" يتم الاعتقال بشكل يومي وكل صياد هو ونصيبه اما يكمل ليلة ويخرج في الصباح أو يومين ومن الممكن أن تطول فترة الاعتقال إذا كان مطلوب هذا الصياد للاحتلال، ولكن عادة ما يجري معي ترهيب وتخويف وتهديد ومطالبة بالعمل معهم ولصالحهم وان لم يكن الصياد ناضج ويتفهم أغراض الاحتلال سوف يقع في فخهم ويعمل لصالحهم بسبب سياسة الترهيب الذي يستخدمها خلال التحقيق".
كما وتعرض اسلام لظروف عرضية بفعل تيار البحر والذي سحب شباك الصيد الى ما بعد المسافة المسموح الصيد بها بعدة أمتار، ولكنه خسر شباكه خوفا من الاعتقال، حيث قال:" عندما كنت أصيد داخل البحر تيار الماء سحب شباك الصيد الى ما بعد أمتار عديدة وطرادات الشرطة البحرية فتحت نيرانها نحوي وخوفاً من الاعتقال أجبرت على قص الشباك والاستغناء عنه من أجل العودة سالما أنا والحسكة الى الميناء وكانت الخسائر 4 آلاف شيقل للأسف".
تضحيات متتالية من أجل مهنة الصيد
أحمد الهسي (50 عاما) يعمل منذ أكثر من 40 عاماً في البحر، عائلة الهسي التي خسرت الكثير مادياً وبشرياً من أجل مهنة الصيد ولازالت متمسكة بها حتى اليوم، لم تسلم هذه العائلة من قسوة الشرطة البحرية ومضايقاتهم لهم بشكل مستمر كل يوم، فعندما يخرج الصياد من أجل الصيد يعلم بأن مصيره اما ان يعود سالما او يعود بمخاسر عديدة أو لا يعود أبدا.
يقول" الاعتقال يبدأ بساعات متأخرة من الليل حيث يقترب الطراد الإسرائيلي نحو المركب واما يطلق النار حتى يتوقف المركب ويتم أخذ الصيادين عن المركب والبعض منهم يتركه يعود بالمركب ويعتقل البقية، أو يعتقل الجميع ويحتجز المركب أيضاً، والاعتقال يكون لساعات الليل حتى الفجر أو مساء اليوم التالي، خلال الاعتقال نرى التعذيب اللفظي بشكل واضح وان لم يسمع كلامهم يتعرض للضرب، ولكن أصعب مرحلة في الاعتقال هي بدايتها عند الملاحقة وإطلاق النار والتوجه الى التحقيق".
وبدوره وضح نقيب الصيادين نزار عياش يوضح كيفية اعتقال الصيادين بشكل يومي قائلاً:" النقابة تسجل بشكل يومي أسماء الصيادين الذين يتم اعتقالهم والمراكب التي تحتجز لدى الجانب الإسرائيلي، فان عملية الاعتقال تبدأ بملاحقة الزوارق البحرية لمراكب الصيادين وإطلاق النار عليهم وتكبيل أيديهم وأعينهم وأخذهم الى ميناء اسدود ومن ثم الى المخابرات في معبر ايرز، ويتم طرح العديد من الأسئلة عليهم ولكن يجب أن يكون الصياد حذر أثناء الإجابة حتى لا يقع في خطأ من تأثير الخوف والترهيب".
ويضيف:" كل يوم يتم اعتقال الصيادين والبعض منهم يتكرر اعتقاله لأيام متتالية لأنه يصطاد على حسكة صغيرة فهو لا يستطيع الهرب من الزوارق البحرية، كما وأن الأجهزة الأمنية بغزة تتابع مع الصيادين الذين يتم اعتقالهم لمعرفة ما حدث معهم، لا سيما أن ظروف الصيادين صعبة جدا حيث وصلت نسبة 85% منهم تحت الفقر".