بين عامي 1950 و 1953، تابع العالم أكثر الصراعات دموية في القرن العشرين، وهي الحرب الكورية، التي واجهت خلالها كوريا الشمالية جارتها الجنوبية،  حيث أودت سنوات الحرب بحياة الملايين من الكوريين.

 وفي هذه الحرب، لم تتردد جمهورية الصين الشعبية، التي تأسست عام 1949، والاتحاد السوفيتي في مد يد العون إلى الكوريين الشماليين، فيما أرسل "السوفييت" معدات عسكرية وعدد قليل من الطيارين، كما تدخلت جمهورية الصين الشعبية، وأرسلت مئات الآلاف من المتطوعين للقتال إلى جانب بيونغ يانغ.

خطة الانقلاب

بين أواخر عام 1955 وأوائل عام 1956، اتخذ كيم إيل سونغ، زعيم كوريا الشمالية، خطوات لتغيير نظام الحكم، وفي غضون ذلك، خطط الأخير للتخلص من الفصائل الموالية للاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية بنظامه الخاص.

من ناحية أخرى، فوجئ "زعيم كوريا الشمالية"، بالتوجهات الجديدة التي اتخذها الاتحاد السوفيتي بعد وفاة ستالين، منذ عام 1955، لم يتردد نيكيتا خروتشوف في مهاجمة إرث جوزيف ستالين، معلنا عن بدء سياسة "اجتثاث الستالينية".

بحلول صيف عام 1956، تلقى زعيم كوريا الشمالية دعوة إلى موسكو لإجراء مشاورات بشأن السياسات الجديدة للأنظمة الشيوعية ما ما بعد ستالين، خلال غيابه عن البلاد، واجه كيم إيل سونغ مؤامرة قادها باك تشانغ أوكي، المرتبط بالجبهة السوفيتية في كوريا الشمالية، وشو شانغ إكي، أحد مؤيدي جبهة يانان المتحالفة مع الصينيين.

وفقًا للخطة، اتفق أنصار روسيا والصين في النظام الكوري الشمالي على توجيه اتهامات ضد "كيم إيل سونغ"، زعيم كوريا الشمالية، خلال اجتماع اللجنة المركزية، وشملت الاتهامات إهدار المال العام، واللامبالاة بشؤون البلاد، ونشر ثقافة تمجيد القائد، فضلًا عن إهمال الإصلاحات السياسية.

فشل الانقلاب

عند عودته إلى الوطن، تلقى "زعيم كوريا الشمالية" معلومات استخبارية عن انقلاب نظمه خصومه في نفس وقت اجتماع اللجنة المركزية، وردا على ذلك، أعد "كيم" خطة للسيطرة على هذا الانقلاب.

والجدير بالإشارة أنه خلال اجتماع اللجنة المركزية يوم 30 أغسطس 1956، اتجه شو شانغ إكي لإلقاء خطاب وجه من خلاله العديد من التهم لـ "زعيم كوريا الشمالية"، مشددًا، على اهتمام الأخير بالصناعة وإهمال الزراعة والتسبب بمجاعة. وفي خضم الخطاب، اتجه أنصار كيم إل سونغ لعرقلة اجتماع اللجنة المركزية من خلال رفض ما جاء بالخطاب والصراخ بشدة في القاعة، ونتيجة لذلك، أصبح خطاب شو شانغ إكي غير مسموع بالقاعة.

من جهة أخرى، اتهم أنصار "كيم إيل سونغ" الفريقين المواليين لروسيا والصين بخيانة الدولة وتخريبها، وفي نهاية الاجتماع، صوتت الأغلبية لـ "كيم"، الذي سرعان ما شن حملة انتقامية ضد خصومه، مثل التطهير الستاليني العظيم في الثلاثينيات، قام الزعيم الكوري الشمالي باضطهاد خصومه وعائلاتهم، وبسبب هذا، فر العديد من المعارضين إلى جمهورية الصين الشعبية ، على أمل النجاة بحياتهم.

في سبتمبر 1956، قرر المسؤولون السوفييت والصينيون أن على كوريا الشمالية التوقف عن اضطهاد المعارضين الموالين لموسكو وبكين، على الرغم من توقف هذا لبضعة أشهر، وبحلول عام 1957، استؤنف المطاردات الأمنية مرة أخرى.

 وفي أوائل عام 1958، نجح "كيم" من القضاء على جبهة يانان بشكل نهائي، وفي بداية عام 1961، ولم يتبق بالحزب الشيوعي الكوري الشمالي واللجنة المركزية سوى مؤيدي كيم إل سونغ الذين لم يترددوا في التصويت لصالح قراراته طيلة السنوات التالية.