قال الخبير والمحلل السياسي حسن حردان، إن تغير مواقف الدول الأوروبية تجاه الحرب في غزة جاء بسبب ضغط الرأي العام والحراك الشعبي في عدد من البلدان.
تغيير الخطاب السياسي
وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في وقت سابق، عن تضامن قوي مع إسرائيل وأعلن نيته تشكيل تحالف دولي ضد حماس على غرار التحالف ضد "داعش"، لكنه أجبر في وقت لاحق على تغيير خطابه والمطالبة بعدم استهداف المدنيين بعد ضغوط شعبية واجهها.
ونفس الأمر تواجهه الإدارة الأمريكية التي وجدت نفسها تحت ضغط شعبي كبير.
وأشار استطلاع رأي لوكالة "أسوشيتد برس" إلى أن 44% فقط من الأميركيين يرون إسرائيل حليفا، ويدعم 36% منهم تقديم مساعدة للجيش الإسرائيلي، بينما يرى 40% منهم أن الرد العسكري الإسرائيلي تجاوز الحدود.
وأجبرت الدبلوماسية الأميركية، على تغيير خطابها نسبيا، إذ دعت إلى تجنيب المدنيين القصف والقتل، وطالبت بإدخال المساعدات، وهو عكس خطابها الذي استخدمته في بداية الحرب.
كما طالب 56 من نواب البرلمان البريطاني ينتمون لحزب العمال المعارض بوقف إطلاق النار في غزة، ورغم أن حكومة بلادهم لا تؤيد وقف إطلاق النار، لكن رئيس الوزراء اضطر للدفع باتجاه "هدنة إنسانية".
الضغوط الشعبية
وأضاف حردان أن "التغيير الذي حصل في المواقف الأوروبية، ليس جوهريا، كما جاء تحت ضغط التحركات والتظاهرات الشعبية العارمة وغير المسبوقة في حجم المشاركة الشعبية فيها والمنددة بالجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت ضد الأطفال والنساء في قطاع غزة".
وتابع إن قصف المستشفيات ودور العبادة، شكل مؤشراً قوياً على التحول في موقف الرأي العام الأوروبي وسقوط الرواية الإسرائيلية الكاذبة والتي روجت لها بعض الحكومات الأوروبية، الأمر الذي دفع حكومات أوروبا للتراجع نسبيا.
وتابع: "ما يرتكبه الاحتلال الاسرائيلي من انتهاكات فظيعة ومشينة لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، ولاسيما في قطاع غزة، وما لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في نقل صورة ما يحصل على هذا الصعيد وكشف مدى الظلم الاضطهاد والقتل والتنكيل بفعل الاحتلال الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني، كشف زيف الادعاءات الغربية والإسرائيلية".
واستطرد "التحول الأساسي الآن كان في موقف الرأي العام الأوروبي، ولاسيما في أوساط الأجيال الجديدة من طلاب الجامعات، وسنرى ما إذا كان هذا التحول سينعكس في الانتخابات في حجب الأصوات عن مرشحي الأحزاب الداعمة لاسرائيل".
تحولات مرتقبة
ويرى أنه حال حصول ذلك، وكان هناك تأثير على الانتخابات، فإن هذا سيحدث تحولا في موقف الحكومات لصالح تبني مواقف وسياسات متوازنة، وغير منحازة بالكامل إلى جانب السياسات الإسرائيلية".
كما أكد أن ظهور تغيرات حقيقية فإن ذلك سيؤدي إلى تحركات ضاغطة على إسرائيل، لأجل الجنوح نحو التسوية، والتخلي عن رهاناتها على تجاهل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ولهذا يتوقع أن نشهد ضغوطا لإحياء مسار المفاوضات، وما يسمى بحل الدولتين الذي نسفته إسرائيل وقررت مواصلة سياسات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، بديلا منه".
تهجير جديد
وتابع" كان واضحا أن إسرائيل خططت لتهجير الفلسطينيين مرة ثانية، بعد النكبة الأولى عام 1948، وهو ما حاولت تنفيذه في عدوانها الحالي على قطاع غزة، لكن صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الضارية ضد الجيش الإسرائيلي أحبط هذا الهدف إلى جانب رفض حازم من دول الجوار الفلسطيني، مصر والأردن لمثل هذا المخطط".
عوامل الاستقرار
ويرى أن الحكومات الأوروبية أجبرت على أخذ هذه الحقائق بالاعتبار، وإدراك أنه لا سلام ولا استقرار ولا أمن في المنطقة، دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية، وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.