الحرب على غزة طالت وانزلقت في منعطفات مأساوية اجتماعية و اقتصادية ففي يومها السابع بعد المئة زاد أعداد النازحين في جنوبي قطاع غزة خاصة بعد تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية فيه رغم اعتباره (مناطق آمنة) ودفع المواطنين بالذهاب اليها تحت القصف والدمار والقتل. والأهم من ذلك اقتصار من تبقى من أولى الأمر في غزة على تأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى أماكن معينة دون متابعة عدم بيعها أو بيع البضائع الأخرى بأسعار خيالية و ترك السوق لجشع الطامعين. المواطن محمد أحمد ذو الخمسون عاما يتساءل أين تذهب المساعدات- نازح في منطقة خيام مواصي مدينة رفح-حيث يحصل على مقدار بسيط لا يتعدى 3 زجاجات ماء وخمس علب تتنوع ما بين (بازيلاء، فاصولياء ،لانشون وحمص) يأكلها أولاده في وجبة واحدة أو وجبتين في الأسبوع مع التوفير. أما النازح سالم أبو عيطة أربعون عاما يتعجب من قوافل المساعدات التي يرى أغلبها قد عرضت للبيع في الأسواق بأسعار خيالية خاصة خيام- أرسلت إلى قطاع غزة لستر النازحين- حيث تباع بألفين شيكل (ما يعادل نحو 700 دولار أمريكي) وأحيانا أكثر بحسب جودة الجهة أو البلد الداعم (ألمانيا ،قطر، الإمارات، الباكستان والهلال الأحمر و غيرها) عدا عن من يلعبون دور الوساطة بين النازحين و المنظمات الإغاثية كالغذاء العالمية بحيث يسقطون أسماء من الكشوفات و يحلون مكانها أخرى على المحتاجين حسب رغبات الوسيط لاعبا دور القيادة للاستفادة من دور الوجاهة مستقبلا ناهيك عن زيادة الاستفادة من المعلبات حارما مستحقيها الحقيقيين منها. امتداد الحرب يعني زيادة عدد (تجار المساعدات) ولا استثني أي أحد سواء من باع المساعدة على البسطة أو من أخذها و هو ليس بحاجتها مرورا بمن أدخل المساعدة و لم يتابع وصولها إلى مستحقيها حتى من أقاموا الحرب وحرقوا الأخضر و اليابس دافعين بالناس إلى أخدود النار علما بأن قوات الاحتلال قد سيطرت على مناطق شمال قطاع غزة قضت على الألاف و اعتقلت الألاف و بقى الأخرون بلا مساعدات حيث ان قُطاع الطرق نهبو القوافل التي دخلت إلى شمال القطاع و باعوها للناس حتى أن كيس الطحين وصل إلى ألف شيكل (300$) إن توفر كل هذا دون وجود قوة فلسطينية حكومية في الميدان تضبط الحالة المترهلة هناك. الكيان الإسرائيلي يضع جام غضبه على المدنيين الذين لا يملكون لأنفسهم ضرا و لا نفعا بعدما هدم كل معالم الحياة في شمالي قطاع غزة ناهيك عن تدمير جوف غزة بحجة تدمير الأنفاق الأمر الذي يعدم المياه الجوفية والحياة على سطحها بحيث يستطيع الجيش الإسرائيلي حرمان السكان من شرب المياه الحلوة إذا ما مزج مياه البحر بالمياه الجوفية، لا أعرف هل الوم الفصائل الفلسطينية لبناءها الأنفاق التي لم تشفع للغزيين البقاء في أماكن سكناهم ولم تمنع دخول الدبابات الإسرائيلية في عمق غزة من شرقها إلى غربها. كل يوم تطول فيه هذه الحرب الإسرائيلية الشرسة يعتاد قراصنة المساعدات على إدارة الكيف والكم بحيث يستطيعون البقاء في المستوى الأول مع المنظمات العاملة سواء (غير ربحية) أو دولية او إعلامية نظرا لوجود راع لتلك المنظمات يحافظ على وجودها لأهداف شرعية وأخرى غير معلومة والمتضررين من الحرب هم المواطنين النازحين الذين لا حول لهم و لا قوة ويتألمون في اليوم ألف مرة خوفا من المجهول القادم وأملا في نهاية هذه الحرب و ترتيب أوراقهم للعودة إلى بيوتهم التي يجهلون عن مصيرها الكثير. فهل سيكتب لنا أن ننجو من هذه الحرب أم سنكون ذكرى لاحبائنا.
